فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: يَا أَبَا الطُّفَيْلِ فَمَا بَقِيَ من وجدك بعلي؟ قال: وجد العجوز المقلات وَالشَّيْخِ الرَّقُوبِ، قَالَ: فَكَيْفَ كَانَ حُبُّكَ لَهُ؟ قَالَ: حُبُّ أُمِّ مُوسَى لِمُوسَى، وَأَشْكُو إِلَى اللَّهِ التَّقْصِيرَ.
297- الْمَدَائِنِيُّ عَنْ عَامِرِ بْنِ حَفْصٍ أَنَّ الأَحْنَفَ بْنَ قَيْسٍ وَجَارِيَةَ بْنَ قُدَامَةَ وَالْجَوْنَ بْنَ قَتَادَةَ «1» الْعَبْشَمِيَّ وَالْحُتَاتَ بْنَ يَزِيدَ الْمُجَاشِعِيَّ وَفَدُوا عَلَى مُعَاوِيَةَ: فَوَصَلَهُمْ وَفَضَّلَ الأَحْنَفَ وَجَارِيَةَ، أَعْطَاهُمَا مِائَةَ أَلْفٍ، وَكَانَ الأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ وَجَارِيَةُ عَلَوِيَّيْنِ وَكَانَ الْحُتَاتُ مَعَ عَائِشَةَ يَوْمَ الْجَمَلِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَضَّلْتَ مَنْ كَانَ عَلَيْكَ عَلَى مَنْ كَانَ لَكَ، قَالَ: إِنِّي اشْتَرَيْتُ دِينَهُمْ «2» ، قَالَ: وَمِنِّي «3» فَاشْتَرِ دِينِي، فَأَلْحَقَهُ بِهِمَا، فَعَرَضَتْ لَهُ عِلَّةٌ مَاتَ مِنْهَا قَبْلَ قَبْضِهِ صِلَتَهُ، فَحَبَسَ مُعَاوِيَةُ الْمَالَ، فَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
أَبُوكَ وَعَمِّي يَا مُعَاوِيَ أَوْرَثَا ... تراثًا فيحتاز التُّرَاثَ أَقَارِبُهْ «4»
فَمَا بَالُ مِيرَاثِ الْحُتَاتِ حَبَسْتَهُ «5» ... وَمِيرَاثُ حَرْبٍ «6» جَامِدٌ لَكَ ذَائِبُهْ
وَلَوْ كَانَ إذ كنّا وللكفّ بسطة ... لصمّم عضب فِيكَ مَاضٍ ضَرَائِبُهْ «7»
فَلَوْ كَانَ هَذَا الأَمْرُ فِي جَاهِلِيَّةٍ ... عَلِمْتَ مَنِ الْمَوْلَى الْقَلِيلُ حَلائِبُهْ
وَلَوْ كَانَ فِي دِينٍ سِوَى ذَا عَرَفْتُمُ ... لَنَا حَقَّنَا «8» أَوْ غَصَّ بِالْمَاءِ شَارِبُهْ
وَكَمْ مِنْ أَبٍ لِي يَا مُعَاوِيَ لَمْ يَزَلْ ... أَغَرَّ يُبَارِي الرِّيحَ مُذْ طَرَّ شَارِبُهْ
نَمَتْهُ فُرُوعُ الْمَالِكَيْنِ «9» وَلَمْ يَكُنْ ... أَبُوكَ الَّذِي مِنْ عَبْدِ شَمْسٍ يُخاطِبُهْ «10»
تَرَاهُ كَنَصْلِ السَّيْفِ يَهْتَزُّ للندى ... جوادا منيع الجار جزلا مواهبه