عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ إِذَا دَبَّتِ الرِّجَالُ إِلَيْكَ فِينَا بِالْبَاطِلِ فَلا تَقْبَلْ مِنْهُمْ مَا لا تعرفنا به، وخذ منّا عفو طَاعَتَنَا، وَلا تُجَشِّمْنَا مَا لا نُرِيدُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: إِنِّي لا أَقْبَلُ فِيكُمْ إِلا مَا أَعْرِفُكُمْ بِهِ، وَكُلُّ ذَنْبٍ عَنْكُمْ مَوْضُوعٌ مَا خَلا الْقَدَحَ فِي هَذَا الْمُلْكِ.

295- وَحَدَّثَنِي (731) أَبُو مَسْعُودٍ عَنْ عَوَانَةَ قَالَ: دَخَلَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ الطَّائِيُّ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ: يَا أَبَا طَرِيفٍ مَتَى ذَهَبَتْ عَيْنُكَ؟ قَالَ: يَوْمَ فَرَّ أَبُوكَ وَقُتِلَ خَالُكَ- يَعْنِي طَلْحَةَ لأَنَّهُ مِنْ بَنِي تَيْمٍ- وَضُرِبْتَ عَلَى قَفَاكَ، وَأَنَا مَعَ الْحَقِّ وَأَنْتَ مَعَ الْبَاطِلِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا بَقِيَ مِنْ حُبِّكَ لِعَلِيٍّ؟ قَالَ: هُوَ عَلَى مَا كَانَ وَكُلَّمَا ذُكِرَ زَادَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: يَا أَبَا طَرِيفٍ مَا نُرِيدُ «1» بِذِكْرِكَ لَهُ إِلا خِلافَهُ، قَالَ: إِنَّ الْقُلُوبَ إِذًا بِيَدِكَ يَا مُعَاوِيَةُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: إِنَّ طَيِّئًا كَانُوا لا يَحُجُّونَ الْبَيْتَ وَلا يُعَظِّمُونَ حُرْمَتَهُ، فَقَالَ عَدِيٌّ: كُنَّا كَمَا قُلْتَ إِذْ كَانَ الْبَيْتُ لا يَنْفَعُ حَجُّهُ وَلا يَضُرُّ تَرْكُهُ «2» ، فَأَمَّا إذ نَفَعَ وَضَرَّ تَرْكُهُ فَإِنَّا نَغْلِبُ النَّاسَ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ طَيِّئٌ وَخَثْعَمٌ لا يَحُجُّونَ فَكَانُوا يُدْعَوْنَ الأَفْجَرَانِ «3» .

296- الْمَدَائِنِيُّ عَن عَبْد اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الهمداني قَالَ: دَخَلَ أَبُو الطُّفَيْلِ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ على معاوية فقال له مُعَاوِيَةُ: يَا أَبَا الطُّفَيْلِ أَنْتَ مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ؟ قَالَ: لا وَلَكِنِّي مِمَّنْ حَضَرَهُ فَلَمْ يَنْصُرْهُ، قَالَ: وَمَا مَنَعَكَ مِنْ نَصْرِهِ؟ قَالَ: مَنَعَنِي أَنَّ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ لَمْ يَنْصُرُوهُ، وَلا رأيت أحدا نصره، قال: أو ما طَلَبِي بِدَمِهِ نُصْرَةٌ لَهُ؟ فَضَحِكَ أَبُو الطُّفَيْلِ وَقَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ أَنْتَ وَعُثْمَانُ كَمَا قَالَ الشاعر:

لألفينّك «4» بعد الموت تندبني ... وفي حياتي ما زودتني زادي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015