فأطرق شهاب الدين مليّا، وقال: اخرج؛ لأفكّر في أمرك. فلما خرج أحضر الكاتب وقال: اكتب كتابا للنّواب بهراة، وقل لهم: نكتب توقيعا بخمس مئة دينار تماطلوه بها، كيف جسرتم على فعل ذلك؟ ومرهم أن يعطوه المبلغ لوقته.
فحين كتب الكاتب التوقيع وقّع عليه، وتركه بين يديه، وأمر أن يعطى الرّجل خلعة سنيّة، وبغلة بسرجها ولجامها، فلمّا أعطي ذلك أحضره بين يديه، وقال له: ذنبك عظيم، والعفو عن مثلك من مكارم الأخلاق، ولكنّي لو أظهرت العفو عن جرمك لكان سمة عليك وعلى عقبك إلى يوم القيامة، وأصعب من القتل، فيقال: هذا الذي زوّر عن السّلطان وعفا عنه، فتتّسم بذلك مدى الأيام، ولكن خذ التوقيع، وامض خذ المبلغ في كلّ سنة لك علينا بمثله. وكلّما احتجت إلى شيء فعرّفنا نوصله إليك، ولا تعاود فعل شيء ممّا كان منك. فقبّل الرّجل الأرض بين يديه، ودعا له بالبقاء، وأخذ التّوقيع وعاد إلى هراة، وأوصله إلى النّائب، فلمّا وقف عليه أوصله المبلغ وصرفه مسرورا.
598 - وقيل: أخذ مصعب بن الزّبير رجلا من أصحاب المختار (?)، فأمر بضرب عنقه، فقال: أيها الأمير، ما أقبح بك أن أقوم يوم القيامة إلى صورتك هذه الحسنة، ووجهك هذا الجميل الذي يستضاء به فأتعلّق بك، ثم