من البداية، عمل زعماء الثورة على التغلب على الانقسامات الأندلسية بين العائلات وبين سكان المناطق المختلفة، التي كان معظمها ممثلاً في زعامة الثورة: فرج بن فرج ومحمد بن داود وابن عبو من مدينة غرناطة، ومحمد بن أمية وابن جهور وميغال روخاس وهرناندو الحبقي والرامي والمليح وغيرهم من البشرات. كما حدد الثوار موعد الثورة في الشتاء ووقت انتشار الثلوج لمعرفتهم بالأرض الغرناطية أكثر من النصارى والجيوش القشتالية.

3/ 2 - إعلان الثورة وبيعة ابن أمية:

ابتدأت الاصطدامات بين الأندلسيين والقشتاليين قبل إعلان الثورة. ففي 23/ 12 / 1568 م، خرجت كوكبة من حراس محكمة غرناطة وكتبتها لقرية بقيرة بالبشرات لقضاء أعياد رأس السنة يصحبهم خمسون جنديًّا مسلحين بالبنادق، فاتجهوا من مرسى مطريل إلى حصن هريرا لحمايته. كانت عادة الجنود الإسبان عند مرورهم بالقرى الأندلسية القيام باعتداءات لا حصر لها من سلب وقتل واغتصاب. فعندما نزلوا قرب بلدة قديار وأخذوا يعتدون على أهلها، هاجمتهم مجموعة من المنفيين برئاسة استبان البرطال، فأبادتهم واستولت على أسلحتهم، فكانت هذه المعركة هي الشرارة الأولى التي أعلنت الثورة.

وفي ليلة 23 ديسمبر غادر خفية السلطان محمد بن أمية غرناطة متجهًا إلى البشرات. وفي نفس الليلة أخبر شخص أحد القسس بأنه يعمل بالحمراء وأنه أعطى بعض المسلمين معلومات عن مقاييس سلالمها. فأبلغ القسيس فورًا الرئيس ديسا والقائد العام دي مندوجر اللذان زادا في عدد الدوريات والحرس. ولم تستمر الثورة على مخططها الأول إذ هطلت ثلوج غزيرة على جبال شلير فقطعت الطريق إلى غرناطة، فلم يتمكن الثوار من الوصول إلى غرناطة من البشرات في التاريخ المحدد، أي في 24/ 12 / 1568 م. لكن بيلرباي الجزائر، علج علي، أرسل حسب الموعد إمدادات نزلت للمجاهدين في جهتي المرية ومربلة، ووصلت إلى أماكنها في جبال

البشرات.

ولم يحسب فرج بن فرج للثلج حسابًا. فتحرك من البشرات على رأس 180 مجاهد، ونفذ إلى حي البيازين ليلاً، وحاول إقناع أهله بالثورة وتنفيذ الخطة التي اتفق عليها ووعد بوصول الرجال. غير أن أهل البيازين رفضوا نصرته عندما رأوا قلة أعداد المجاهدين الذين معه. واضطر فرج بن فرج، بعد محاولات يائسة طول الليل،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015