بعض هذه الرسائل، نأتي بمقتطفات من اثنين منها: الرسالة الأولى، وهي على شكل قصيدة، قال فيها كاتبها محمد بن محمد بن داود، أحد زعماء الثورة، بعد أن افتتحها بحمد الله والثناء عليه والصلاة على رسوله الكريم: "استمعوا إلى قصة الأندلس المحزنة، وهي تلك الأمة العظيمة التي غدت اليوم ضعيفة متهيضة، يحيط بها الكفرة من كل صوب، وأضحى أبناؤها كالأغنام الذين لا راعي لهم. وفي كل يوم نسام سوء العذاب ولا حيلة لنا إلا المصانعة حتى ينقذنا الموت مما هو أشر وأدهى، وقد حكموا فينا اليهود الذين لا عهد لهم ولا ذمة، وفي كل يوم يبحثون عن ضلالات وأكاذيب وخدع وانتقامات جديدة. ونرغم على مزاولة الشعائر النصرانية وعبادة الصور، وهو مسخ للواحد القهار، ولا يجرؤ أحد على التذمر أو الكلام. وإذا ما قرع الناقوس ألقى القس عظته بصوت أجش، وفيها يشيد بالنبيذ ولحم الخنزير، ثم تنحني الجماعة أمام الأوثان دون حياء ولا خجل ... ومن عبد الله بلغته قضي عليه بالهلاك، ومن ضبط ألقي في السجن وعذب ليل نهار حتى يرضخ لباطلهم" ثم يصف جرائم محاكم التفتيش ضدّهم من اعتقال وتعذيب وقتل بالحرق، ثم يقول: "وقد علقوا يوم العيد (ذكرى سقوط غرناطة) في ميدان باب البنود قانونًا جديدًا وأخذوا يدهمون الناس في نومهم ويفتحون كل باب، يزمعون تجريدنا من ثيابنا وقديم عاداتنا، ويمزقون الثياب ويحطمون الحمامات. ونحن إذ نيأس من عدل البشر نستغيث بالنبي - صلى الله عليه وسلم - معتمدين على ثواب الآخرة، وقد حثنا شيوخنا على الصلاة والصوم والاعتصام بالله فهو الذي يرحمنا في نهاية الأمر".
والرسالة الثانية موجهة من أحد زعماء الثورة في البيازين إلى أحد رؤساء المغرب، يناشد كاتبه إخوانه المغاربة ويستغيث بهم بحق روابط الدين والعرق ويصف ما قرره النصارى "من إرغامهم على ترك اللغة والشريعة، وكشف الوجوه الحيية المحتشمة، وفتح الأبواب، وما أنزل بهم من محن السجن والأسر ونهب الأملاك" ويطلب إيصال استغاثته للسلطان العثماني. ثم يقول: "لقد غمرتنا الهموم وأعداؤنا يحيطون بنا إحاطة النار المهلكة. إن مصائبنا لأعظم من أن تحتمل، ولقد كتبنا لكم في ليال تفيض بالعذاب والدمع، وفي قلوبنا قبس من الأمل. إذا كانت ثمة بقية من الأمل في أعماق الروح المعذبة".
جاءت الأجوبة من الجزائر والمغرب تعد بالمساندة. فقد وعد سلطان المغرب بالنجدة عندما تعلن الثورة ووعد بيلرباي الجزائر بإرسال قوات مساندة تنزل على