لا تخطر على بال، كثيرًا ما يعترف إبانها المتهم بكل ما يطلب منه مفضلاً الموت على ما هو فيه. وأحيانًا يموت المتهم في يد القساوسة المعذبين. ويتنوع العذاب من إغراق وجر وربط وإدخال أسياخ وسحق عظام وسلخ جلود وتمزيق أطراف وفسخ فك وغيرها من ضروب العذاب. ويحضر التعذيب الجلادون والرهبان المفتشون. ولا يعرف المتهم سبب تعذيبه وما يطلب منه بالضبط الاعتراف به. ويعد كل ما يعترف به المتهم إبان التعذيب اعترافًا كاملاً لا يمكن الرجوع عنه. ولا يكف القساوسة المفتشون عن تعذيب المتهم إلا إذا رضوا باعترافاته. وإذا تمادى المتهم في عدم الاعتراف ونجا من الموت إبان التعذيب فإن صبره لن يفيده شيئًا، إذ تطبق عليه التهم المنسوبة إليه على أي حال. وعندما ينتهي القساوسة المحققون من جلسة التعذيب يطلب من المتهم أن يتقدم في اليوم التالي بتصريحاته التي اعترف بها إبان التعذيب.
فإذا ناقض نفسه أعيد إلى التعذيب.
وبعد الانتهاء من الاعتراف يسأل المتهم عن دفاعه. فمان لم يكن له دفاع اختارت له المحكمة محاميًا من المسجلين في الديوان للدفاع عنه. ولم يكن الدفاع إلا مهزلة، إذ يتعهد المحامي بالتخلي عن موكله في أية مرحلة من مراحل المحاكمة إذا رأى أن الحق ليس معه، ولا يمكنه الاطلاع على ملف القضية أو الجلوس بانفراد مع المتهم. وإذا تعاطف المحامي مع المتهم فإنه يتعرض لنفس تهمة موكله.
وبعد المرافعة والاستجواب يرفع الموضوع إلى القساوسة المفتشين ليعطوا رأيهم من جديد تمهيدًا للحكم النهائي. وفي غالب الأحيان لا يختلف الحكم الجديد عن سابقه. فإذا كانت الإدانة فإنه يسمح للمتهم طلب الاستئناف، وقليلاً ما كان الاستئناف يؤدي إلى نقض حكم سابق. ويمكن للمتهم أن يعلن التوبة ويطلب العفو من البابا مقابل أموال طائلة إن كانت له أموال.
وإذا حُكم للمتهم بالبراءة، وقليلاً ما يحدث ذلك، فإنه يعطي شهادة بطهارته من الذنوب كتعويض على ذهاب ماله وشرفه وصحته ظلمًا وعدوانًا. أما إذا كانت التهمة كبيرة فيؤخذ المتهم من السجن دون أن يدري مصيره ويمر"بمرسوم الإيمان" (أيوتو دافي) فيلبس الثوب"المقدس"ويوضع في عنقه حبل وفي يده شمعة ويؤخذ إلى الكنيسة للتوبة ثم إلى ساحة التنفيذ، وهناك يتلى عليه لأول مرة الحكم: سجن مؤبد ومصادرة كاملة للأموال، أو حكم بالإعدام حرقًا بالنار في حال"الكفر