وخان عهودًا كان قد غرّنا بها ... ونصّرنا كرهًا بعنف وسطوة
وأحرق ما كانت لنا من مصاحف ... وخلطها بالزبل أو بالنجاسة
وكل كتاب كان في أمر ديننا ... ففي النار ألقوه بهزء وحقرة
ثم يقول بعد وصفه لمنعهم كل شعائر الإسلام:
وقد أمرونا أن نسبّ نبينا ... ولا نذكره في رخاء وشدة
وقد سمعوا قومًا يغنّون باسمه ... فأدركتهم منهم أليم المضرة
ثم يقول:
وقد بدّلت أسماؤنا وتحوّلت ... بغير رضًا منّا وغير إرادة
فآهًا على تبديل دين محمد ... بدين كلاب الروم شرّ البرية
ثم يختتم:
وصرنا عبيدًا لا أسارى نُفتدى ... ولا مسلمين نطقهم بالشهادة
فلو أبصرتْ عيناك ما صار حالنا ... إليه لجادت بالدموع الغزيرة
فيا ويلنا يا بؤس ما أصابنا ... من الضّرّ والبلوى وثوب المذلّة
وهكذا أعلن الإسبان رسميًّا انقراض الإسلام في الأندلس، ولم يعودوا يذكرون اسم المسلمين بها إلا بـ"النصارى الجدد" أو المورسكيين، وهي كلمة تصغير"مورو" للتحقير، و"مورو" عندهم المسلم. ويسمي الأندلسيون أنفسهم في هذه الحقبة بالغرباء إشارة إلى قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:"بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء"، رواه مسلم. ولكن مصائب هؤلاء الغرباء لم تكن إلا في بدايتها، إذ بقي الإسلام في قلوبهم وهم صامدون عليه. فنظمت الدولة والكنيسة جهازًا جهنميًّا للقضاء على الإسلام حتى في قلوبهم، يسمى ب"محاكم التفتيش".
ظهرت فكرة محاكم التفتيش في القرن الثالث عشر الميلادي مع تزايد غطرسة الكنيسة الكاثوليكية واجتهادها في مراقبة ضمائر الناس في الدول التي كانت تحت سيطرتها. فكان بابا روما يكلف بعض الأساقفة بتعقب من كانت أفكاره مخالفة لتعاليم الكنيسة وطبق هذا النظام في البداية في إيطاليا وفرنسا وألمانيا حيث كان يتجول مندوبو البابا في أنحاء البلاد لتقصي أخبار الناس واتهام كل مخالف بالكفر ثم القبض