غرناطة، ثم تتابع حرق الكتب إلى أن وصل عدد ما حرق منها حوالي مليون كتاب.
فكانت هذه الجريمة من أكبر جرائم الكنيسة والدولة الإسبانية في الأندلس وفي حق الحضارة الإنسانية. وتتابعت في نفس السنة المراسيم التعسفية بمنع استعمال اللغة العربية. وصدر قرار في سبتمبر يمنع"المتنصرين الجدد" من حمل السلاح وامتلاكه، وينص على معاقبة المخالفين لأول مرة بالحبس والمصادرة ولثاني مرة بالإعدام.
ثم استغاث الأندلسيون مرة أخرى بالعالم الإسلامي، فلا من يجيب! استغاثوا أولاً بسلطان المغرب أبي عبد الله محمد بن يحيى الوطاسي، ثم بسلطان مصر، الأشرف قانصو الغوري (المماليك البرجيون). فأرسل الأشرف رسولاً إلى الملكين
الكاثوليكيين يهددهم بإجبار النصارى الذين تحت حكمه على الإسلام إذا لم يعطوا الأندلسيين حرية بقائهم على دين الإسلام. فأرسل الملكان الكاثوليكيان سفيرهما له أقنعه بسهولة أن المسلمين بالأندلس بخير وأن حقوقهم مضمونة. ففضل الأشرف تصديق ادعاءات الملكين الكاثوليكيين عوضًا عن نصرة إخوانه المستضعفين، والاستيقاظ على الواقع الأليم الذي وضحه له المبعوثون الأندلسيون.
ثم استغاث الأندلسيون بالسلطان بايزيد العثماني في المرة الأولى سنة 1499 م.
لكن بايزيد كان مشغولاً بخلافات أسرته، فاكتفى بإرسال كتاب إلى الملكين الكاثوليكيين، لم يعملا به، واستغاث الأندلسيون بالسلطان بايزيد مرة ثانية سنة 1502 م، فلم تأت هذه الاستغاثة بنتيجة. وهذه الاستغاثة هي عبارة عن وثيقة شعرية من 103 بيت يصف فيها كاتبها المجهول وضع الأندلسيين وصفًا مؤثرًا، إذ يقول مستهلاًّ بعد بضعة أبيات:
سلام عليكم من عبيد تخلّفوا ... بأندلس بالغرب في أرض غربة
أحاط بهم بحر من الروم زاخر ... وبحر عميق ذو ظلام ولجة
سلام عليكم من عبيد أصابهم ... مصاب عظيم يالها من مصيبة
ثم يقول:
غُدرنا ونصّرنا وبدّل ديننا ... ظُلمنا وعوملنا بكل قبيحة
وكنّا على دين النبي محمد ... نقاتل عمال الصليب بنيّة
ثم يقول:
فلما دخلنا تحت عقد ذِمامهم ... بدا غدرهم فينا بنقض العزيمة