وعندما استعمل القسس مع أهل منطقة المرية لتنصيرهم نفس العنف الذي عاملوا به أهل غرناطة، قامت الثورة في جبال فلابرش شمال المرية. وبلغت الثورة أشدها في شهر نوفنبر عام 1500 م، فطرد الثوار القسس واحتلوا الحصون الجبلية وتمركزوا في مدينة بلفيق. فأرسل الملك جيشًا لقمع الثورة، قاتله الثوار المسلمون قتالاً شديدًا حتى اضطروا إلى الاستسلام. فقضى الملك الكاثوليكي بقتل جميع رجال بلفيق وسبي النساء والأطفال ومصادرة جميع الأموال. وهكذا عمد قهرًا ما تبقى من أهالي جبال فلابرش ونهر المنصورة المجاور. ثم ثار بعد ذلك سكان ثلاثة من قرى وادي المنصورة، فأُخضعوا بالقوة. ثم ثارت مدينة عذرة مرة أخرى، فهاجمها الجيش وحاصرها حصارًا طويلاً حتى دخلها، فاسترق جميع أهلها.
ثم توبعت سياسة التنصير القسري في منطقة رندة، فقامت الثورة في جبالها من يناير إلى أبريل عام 1501 م، وانتخب المجاهدون سليم الأزرق رئيسًا لهم. فأرسل الملكان جيشًا لإخماد الثورة، فهزم الثوار الجيش في بللونقا وقتلوا رئيس الحملة الدون الفونسو دي أغيلار، قتله مجاهد اسمه الفهري. فأرسل الملكان جيشًا أكبر لمفاوضة الثوار، فوقع الاتفاق في 14/ 4 / 1501 م بإنهاء الثورة على أن يهاجر القواد إلى المغرب ويعمد الباقون بالقوة.
وفي هذه الأثناء تابعت الكنيسة والدولة سياستهما في التنصير القسري. وفي أواخر يوليوز ذهبت الملكة إيزابيلا إلى غرناطة لمتابعة عمليات التنصير والإشراف عليها. ووقعت الدولة مع جميع قرى ومدن مملكة غرناطة مراسيم تجبر الأهالي فيها على التنصير مقابل معاملتهم ماليَّا مثل معاملة النصارى القدامى. وهكذا تم تعميد أهالي طبرنش في 18/ 9 / 1500 م وبسطة في 30/ 9 / 1500 م وأشقر في 26/ 1 / 1501 م الخ ... وفي نفس هذه المواثيق يمنع النصارى الجدد من ذبح الحيوانات على الطريقة الإسلامية ومن أن يلبس رجالهم أو نساؤهم اللباس الإسلامي، وأجبروا على تغيير أسمائهم الإسلامية وحتى تقاليدهم وعاداتهم بعادات وتقاليد نصرانية، وسمح لهم مؤقتًا باستعمال الحمام والاغتسال (ولم يكن النصارى يغتسلون). ولم تنته سنة 1500 م حتى عم التنصير جميع أنحاء مملكة غرناطة القديمة من رندة إلى المرية مرورًا بوادي آش وبسطة والبشرات. ثم صدر قرار بتحويل جميع المساجد إلى كنائس ومصادرة جميع الأوقاف الإسلامية، وفي 12/ 10 / 1501 م صدر مرسوم بحرق جميع الكتب الإسلامية والعربية، فحرقت آلاف الكتب في ساحة الرملة، أكبر ساحات