ومن مظاهر الوجود الأندلسي في المغرب كتاب "الاكتفاء في مغازي المصطفى والثلاثة الخلفاء " للشهيد الأندلسي أبي الربيع الكلاعي، الذي استشهد مدافعًا عن مدينته " بلنسية "، وهو على بغلته يثبت المجاهدين، ويقوي معنويتهم، مقبلاً غير مدبر. فقد أوقف المغاربة الكراسي في مختلف المساجد لتتلى صفحات منه بعد صلاة الجمعة، في فاس ومكناس مثلاً، وجعلته الدولة المغربية كتاب تربية روحية للجيش المغربي. وكان مجلس الملك يفتتح بتلاوة قطعة منه.

وكانت خارج باب أبي الجنود بفاس ساحة كبرى، على غرار جامع الفنا بمراكش، تجتمع فيها الجماهير الشعبية للاستماع للقصاصين (الفداوية) الذين يقصون المغازي الإسلامية. وقد ذكر الرحالة الجواتيمالي في كتابه الحفيل " فاس الأندلسية " أنه استمع إلى قاص بها يتحدث عن وقعة إقليش الأندلسية، وكانت زيارته لفاس سنة 1917 م (مجلة " البحث العلمي ").

ومن المعلوم أن مدينة فاس تنقسم إلى عدوتين: عدوة اللمطيين وفيها درب يسمى " طريانة "، وهو اسم أندلسي لمدينة على الضفة اليمنى للوادي الكبير من مدينة إشبيلية، وهي اليوم حي من أحيائها. وعدوة فاس الثانية هي عدوة الأندلس، وفيها جامع الأندلس. وفي كثير من مدن المغرب جامع الأندلس.

والأندلس موجودة في المغرب بصفة واسعة على نطاق حضاري. فموسيقى الآلة وصلت المغرب من الأندلس وتمغربت في المغرب. ومن فواكه وخضر المغرب الفول المالقي، والبرقوق البلنسي، والرمان السفري، وهو رمان لا عجب (عظم) له جاء به إلى قرطبة من الشام شخص اسمه سفر، نسب إليه، ونقل لفاس وتازة باسمه القرطبي، وطعام " البسطيلة " الفاخر المغربي ذو شهرة عالمية في الحفلات المغربية. وكلمات " البرطال " بمعنييه و " الكوفري " و " المريو " وغيرها كثير.

وفي فاس قصور ومدارس ومساجد يقال عنها إنها أندلسية. ولكن المستشرق الفرنسي ليفي بروفانسال، الذي أقام في المغرب مدة وكتب عن الأندلس كثيرًا، نقل في محاضرة ألقاها بالقاهرة عن الراهب الإسباني المؤرخ الشديد التعصب ضد الإسلام مرمول، أن القصور الحمراء في غرناطة كانت تقليدًا لقصور بني مرين الملكية بفاس عكس ما يتوهم.

وفي أندونيسيا، أقصى نقطة في العالم الإسلامي، توجد منطقة اسمها الأندلس حسبما أخبرني بذلك أحد كبار علماء أندونيسيا وهو متخرج من جامعة القاهرة. وغير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015