والتضليل والنشر. وفي هذا الإطار وقع الاهتمام في إسبانيا النصرانية ببعض المخطوطات العربية في بعض الجامعات والكاتدرائيات، كجامعة إشبيلية وكاتدرائية طليطلة وجامعة غرناطة ومكتبة الجبل المقدس وأكاديمية العلوم في قرطبة وأكاديمية التاريخ بمجريط والمكتبة الوطنية وكاتدرائية ليون. وقد كنت نشرت عن بعض المخطوطات المغربية في هذه المراكز المجريطية في"دعوة الحق"المغربية.
ولكن سمعة إسبانيا العالمية في ميدان المخطوطات العربية ستأتيها عن طريق خزانة مغربية ملكية بواسطة خيانة بحارة فرنسيين استأجرهم السلطان زيدان السعدي لينقلوا له خزانته الملكية، ففروا بها إلى فرنسا. ولكن القرصان الإسبانيين استولوا في البحر عليها، ووضعتها الحكومة الإسبانية في دير الأسكوريال.
واهتمت الدراسات الاستشراقية بصفة خاصة بتاريخ الأندلس وحضارتها وثقافتها. وتأسست المطابع العربية في البلاد الأوروبية، ومن بينها إسبانيا، لنشر المخطوطات العربية. ومن بين ما نشر بها ما عرف بالمكتبة الأندلسية، وهو تواريخ لعلماء الأندلس لابن الفرضي وابن بشكوال وابن الأبار والضبي وفهرسة ابن خير، إلى جانب دراسات المستشرقين الإسبان بالإسبانية عن جوانب مختلفة من الفكر الإسلامي في الأندلس، على علاتها. ومن المعلوم أن من المستشرقين من يتحامل على التاريخ الأندلسي الإسلامي منطلقًا من وجهة نظر نصرانية، ومنهم من أنصفه منطلقًا من وجهة نظر إسلامية مثل دوزي الهولاندي وديسي ميراندا (صديقي بالمراسلة) وغيرهما.
وذلك مظهر من مظاهر"انبعاث الإسلام بالأندلس"على نطاق ثقافي بعد أن توهم الفاتحون المبيدون استطاعتهم القضاء عليه. وقد ذكر كتاب"انبعاث الإسلام بالأندلس"مجلة"الأندلس"وسمعنا عن"الموسوعة الأندلسية"وقرأنا مقالاً معربًا منها عن"عباس بن فرناس"أول إنسان طار في الجو.
وكذلك استمر الوجود الثقافي الأندلسي قويًا، وعلى نطاق واسع خارج
الأندلس. عن طريق المخطوطات والمطبوعات والدراسات الأندلسية، وهو موضوع شاسع أكتفي بالإشارة إليه.
وقد عاشت الأندلس الإسلامية في ضمير جميع المسلمين في مختلف أنحاء العالم الإسلامي. وأحدث سقوطها جرحًا عميقًا في قلب كل مسلم، فلا تذكر إلا مقرونة بدعاء:"ردها الله دار إسلام! ".