المناسبات بين الآيات ولكنه لم يتمه، فأدخله البقاعي في تفسير وضعه في الموضوع وأتمه، وسمعت أنه طبع في الهند.
سبقت الإشارة إلى المساهمة العلمية الممتازة والمتميزة التي ساهم بها علماء الأندلس المسلمون في الميدان العلمي، والتي كان لها تأثيرها الفعال في مسيرة التطور العلمي على نطاق عالمي. كما سبقت الإشارة إلى الجريمة الشنيعة التي ارتكبها الرهبان المتوحشون الجهلة ضد الإنسانية جمعاء، وضد الحضارة البشرية، عندما أحرقوا مئات الآلاف من المجلدات العلمية الأندلسية في مختلف ميادين المعرفة في نوبة جنون هستيري مسعور، الأمر الذي أضاع على البحث العلمي حلقات مهمة، يمكن أخذ صورة مصغرة عنها من مراجعة كتب التراجم التي لم تضع فيما ضاع. وأشير مثلاً إلى"كتاب النبات"لأبي العباس بن الرومية، ومؤلفات بقي بن مخلد وابن حزم، وآلاف الأمثلة! أنها فاجعة إنسانية من نوع القنبلة الذرية في هيروشما وناكازاكي في اليابان.
وكما أخفى المسلمون إسلامهم، أخفوا مخطوطاتهم في انتظار فرج الله، خشية أن يحرقوها كما أحرقوا غيرها. فقد ذكر لي الباحث التونسي المرحوم عثمان الكعاك أن أحد الأندلسيين هدم سقف بيته وبنى سفله سقفًا ملأه كتبًا، ثم بنى فوقه سقفًا آخر حتى لا يكتشفه أحد، فبقي كذلك إلى أن اكتشف في هذا العصر عندما انهدم المنزل. وقد جاءني مرة الملحق الثقافي الإسباني، وكان زميلاً لي بكلية الحقوق بجامعة محمد الخامس بالرباط، بأوراق عربية حملها معه من إسبانيا، وقع العثور عليها مدونة في طليطلة، لأطلعه على موضوعها، فإذا هي أذكار ودعوات. وقد كنت اطلعت في مدرسة الدراسات العربية بمجريط على مخطوطات عربية احترقت أطرافها بالرطوبة، فلعلها كانت مدفونة بهذه الطريقة.
ومن الألطاف الإلهية أن آلاف المؤلفات الأندلسية كانت قد انتقلت من الأندلس
إلى مختلف المراكز العلمية في العالمين الإسلامي والمسيحي، فكونت الوجود الحي
والمستمر للإسلام الأندلسي عبر العالم تحقيقًا لوعد الله الصادق:"يريدون أن يطفؤوا
نور الله بأفواههم والله متم نوره، ولو كره المشركون".
ونظمت الكنائس العالمية غاراتها على العالم الإسلامي لاختلاس مخطوطاته المهمة، في مختلف الموضوعات، ونقلها بالغدر واللصوصية والخيانة إلى الخزائن الأوروبية في الجامعات والأديرة والكاتدرائيات، والتجند للترجمة والدراسة والتزوير