اللمطيين الطالعتان الكبرى والصغرى، فإذا تحدث سكان عدوة الأندلس عن سكان الطالعة قالوا بصيغة التحقير:"إنه من سكان الطوالع". ولكن شاعرًا من سكان الطالعة قال:
إذا كنت في فاس ولم تكن ساكنًا ... بطالعها الأعلى فما أنت من فاس
ومن أروع مظاهر تعلق المغاربة بأندلسهم وأهلها ما ورد في الكتاب من وصول مائتي متطوع مغربي للمشاركة في ثورة الأندلسيين الكبرى بقيادة ابن أمية. فلنفكر جيدًا في الظروف والملابسات والصعوبات التي سبقت هذا الوصول. فهم ليسوا جنودًا نظاميين، ولم تبعثهم دولة، فكيف وصلتهم الدعوة؟ وكيف اجتمعوا؟ وكيف هيأوا السفن التي أقلتهم؟ ومن أين أقلعوا، والشواطىء المغربية ومراسيها يحتلها الأعداء؟ والمهم بعد كل ذلك أنهم ما جاؤوا طامعين في أي مكسب مادي أو معنوي، وإنما جاؤوا يطلبون الشهادة في سبيل الله، ويسعون لإنقاذ إخوانهم المسلمين مما هم فيه.
وقد قال الشاعر:
والجود بالنفس ... أقصى غاية الجود!
ثم مَن هم؟ ما هي أسماؤهم أو قبائلهم؟ وماذا كان مآلهم؟ وكلها أسئلة، وكثير غيرها، تبقى بدون جواب. - رضي الله عنهم وأرضاهم -، وأنعم عليهم بما وعد به الشهداء في سبيله.
وذكر الكتاب في فصول عديدة فظائع من التعذيب والتنكيل التي لقيها المسلمون الأندلسيون. وقد وقع اكتشاف في السنين الأخيرة لكهف مليء بجثث عديد من المسلمين المصفدين في الأغلال أدخلهم إليه النصارى وأغلقوه عليهم. وقد نشر صديقنا الدكتور عبد الرحمن الحجي العراقي مقالاً في الموضوع في مجلة"منار الإسلام"الإماراتية مصحوبًا بعدة صور، كان سبق له أن أهداني نسخًا منها.
وأشار الكتاب إلى الوثائق التي عثر عليها في أحد الكهوف بالأندلس. وكانت الدكتورة آمنة اللوه قد ألقت في كلية الآداب بجامعة محمد الخامس بالرباط محاضرة عمومية عن هذا الموضوع ونشرتها بمجلة"البحث العلمي".
وتحدّث الكتاب عن الأندلسيين خارج الأندلس. ففي الكلام عنهم في المغرب أشار إلى عددهم الضخم، وهو أمر طبيعي في بلد عاشوا مواطنين فيه عدة قرون، مقابل عدد ضخم من المغاربة الباقين بالأندلس. وقد ذكر منهم بعض العائلات التي