بعد اتخاذ قرار الطرد سنة 1608 م، ظلت الدولة الإسبانية مترددة في اختيار المملكة التي يبدأ بها الطرد، فوقع الإجماع تقريبًا على مملكة بلنسية. لكن في آخر لحظة، تردد أسقف بلنسية خوفًا من عواقب الطرد على الاقتصاد البلنسي (وكان عدد المورسكيين يكون ثلث سكان مملكة بلنسية). فألح على الابتداء بقشتالة لأن، كما قال: "تعتمد المدن والقرى الكبرى (يعني في مملكة بلنسية) في تموينها على ما يأتي به هؤلاء (المورسكيون)، فالكنائس والأديرة والمستشفيات والطوائف الدينية والنبلاء والسادة والمواطنون وأخيرًا جميع الذين هم ضروريون لإدارة الدولة ولراحتها الروحية والدنيوية، كلهم يعتمدون على خدمات المورسكيين".
وبينما واصلت اللجنة الكنسية مشاوراتها في بلنسية، أصدر مجلس الدولة قرار الطرد بتاريخ 4/ 4 / 1609 م، "للمحافظة على أمن الدولة" بينما أهمل الموضوع الديني كسبب في اتخاذ القرار. وتذرع مجلس الدولة بخطر انتصارات مولاي زيدان على أخويه في المغرب، رغم أنه كان يعرف أن لا خطر على إسبانيا منه، خاصة وأن معظم موانىء المغرب كانت بيد الإسبان والبرتغاليين. وقرر مجلس الدولة الابتداء بطرد مورسكيي مملكة بلنسية على أن يبقى القرار سرًّا إلى حين.
وفورًا ابتدأت أجهزة الدولة تهيىء للطرد بغاية السرية، فجمعت سفن إيطاليا في جزيرة ميورقة (الجزر الشرقية) حيث يسهل توجيهها إلى موانىء الترحيل بمملكة بلنسية، وتأهبت القوات العسكرية في مملكة بلنسية في حالة مقاومة المورسكيين لإجراءات التهجير. فلم يصل صيف سنة 1609 م حتى اجتمعت خمسون سفينة في ميورقة، و 4.000 جندي في مملكة بلنسية، بالإضافة إلى حرسها وخيالة قشتالة لمراقبة حدودها البرية، وقوات الميليشيا. وكلف الأسطول الإسباني في المحيط الأطلسي بمراقبة شواطىء شمال إفريقيا، بقيادة أمير البحر أوكندو.
وفي غشت عام 1609 م افتضح سر قرار الطرد عندما ظهرت الاستعدادات، فاختلت الأوضاع في مملكة بلنسية، ودخل الرعب قلوب أهلها لما توقعوه من تأثير سلبي على مجرى حياتهم، وخاف النصارى، رعاعهم ونبلاؤهم، الفقر. فقدم النبلاء تقريرًا للملك يوضحون له فيه الخراب الذي سيعم مملكة بلنسية بطرد المورسكيين، والمضار التي ستلحق بهم، وقالوا إنهم يفضلون الموت في الحرب عن الموت فقرًا.
لكن الملك لم يزد في رده عليهم على أن قرار الطرد قد اتخذ دون رجعة، ولم يبق