وهذا هو ما رأته الدولة الإسبانية من الجو الدولي المناسب في طرد المورسكيين: فالمغرب مشغول في حروبه الداخلية، والدولة العثمانية مشغولة في حربها مع الصفويين في حدودها الشرقية، وإنكلترا عقدت معاهدة صداقة مع إسبانيا، وفرنسا لن تهاجم إسبانيا بمفردها.
إذا كان قرار إسبانيا المصرح به في طرد المورسكيين يعود لاتهامهم بعدم الإخلاص للديانة النصرانية والدولة الإسبانية، فهناك سبب ثالث لم يذكر إلا قليلاً، وذكره الشهاب الحجري، أحد المورسكيين المهاجرين إلى المغرب في هذه الحقبة، والذي كتب بلغة عربية تكاد تكون دارجة، إذ أجاب إبان سفارته لهولاندا عن سبب طرد المورسكيين بما يلي: "اعلم أن (أهل) الأندلس كانوا مسلمين في خفاء من النصارى، ولكن يظهر عليهم الإسلام ويحكمونه فيهم. ولما تحقق منهم ذلك لم يأمن فيهم ولا كان يحمل منهم أحدًا إلى الحروب، وهي التي تفني كثيرًا من الناس. وكان أيضًا يمنعهم من ركوب البحر لئلا يهربوا إلى أهل ملتهم، والبحر يفني كثيرًا من الرجال. وأيضًا في النصارى كثيرون قسيسون ورهبان ومترهبات، وبتركهم الزواج ينقطع فيهم النسل. وفي (أهل) الأندلس لم يكن فيهم قسيسون ولا رهبان ولا مترهبات، إلا جميعهم يتزوجون ويزداد عددهم بالأولاد وبترك الحروب وركوب البحر. وهذا الذي ظهر على إخراجهم لأنهم بطول الزمن يكثرون".
ومنذ سنة 1608 م، ابتدأت الإشاعات بقرب قرار الطرد تنتشر، وأخذ المورسكيون القادرون على الهجرة يبيعون ممتلكاتهم ويهاجرون في ظروف أفضل من الطرد القسري. وهكذا عبرت أعداد كبيرة من المورسكيين البحر إلى شمال إفريقيا، وعبرت أعداد أخرى جبال ألبرت إلى فرنسا. وأزعجت هذه الهجرة الدولة الإسبانية لأنها تود طرد المورسكيين دون أموالهم. لذا طلب مجلس الدولة بتاريخ 24/ 6 / 1608 م، من ممثله: "الكتابة إلى نائب الملك بقطلونية فيما يخص المورسكيين الذين يمرون عبر فرنسا، يجب التعرف عليهم إذا كان من بينهم أغنياء يختفون، فينبغي احتجازهم وحراستهم وأخذ ما لديهم من مال. أما الفقراء فيخلى سبيلهم، لأنه كلما قل عددهم بيننا كلما كان ذلك أفضل" ولكن عددًا كبيرًا من أغنياء المورسكيين نجحوا في الإفلات من جرائم الطرد المفاجىء الذي سيحدث للباقين.