النصارى ويحزنون لنكساتها، كما كانوا يفرحون لانهزامات إسبانيا على يد أعدائها، كانهزام بحريتها على يد الإنجليز، ويتعاطفون مع بروتستانت جنوب فرنسا الذين كانوا كذلك ضحايا القمع الكاثوليكي.
أما علاقة المورسكيين مع فرنسا، فقد رأينا تخوف فليبي الثاني من مسلمي مملكة أراغون القديمة، خاصة بعد سنة 1580 م، ففي سنة 1588 م، أمر بتحصين الحدود بين أراغون القديمة وبيارن الفرنسية، وبين مملكة أراغون القديمة ومملكة بلنسية، حتى يعزل مسلمي أراغون القديمة عن البرتستانت الفرنسيين (الهوكونو) وعن المسلمين البلنسيين. ورغم تحول هنري دي بوربون، زعيم الهوكونو، إلى الدين الكاثوليكي عندما أصبح ملكًا على فرنسا تحت اسم هنري الرابع، فقد بقي على عدائه لإسبانيا، وتابع علاقته بالمورسكيين، وأصبحت الدولة الإسبانية تنظر إلى علاقة هنري الرابع بالمورسكيين بتخوف أكبر، إذ أصبحت سياسة لدولة مجاورة ومنافسة.
وفي سنة 1602 م، فكر الهوكونو في مساعدة مسلمي أراغون على الثورة، فأرسل دوق دي لافورس، حاكم البيارن الفرنسية، مرسولاً اسمه سانسيستبان إلى بلنسية للاتصال بفرنسي يسكنها اسمه مرتين دي إيريوندو بصفته وسيطًا بين الهوكونو والمورسكيين. وشكل المورسكيون لجنة مكونة من خمسة ممثلين لتمثيلهم في المفاوضة مع الفرنسيين بهدف تهيىء ثورة مورسكية شاملة. ثم أرسلت اللجنة ميغيل ابن الأمين، أحد أفرادها، إلى الملك هنري الرابع. وأخذ ابن الأمين معه للملك الفرنسي تقريرًا يشتكي فيه المورسكيون من سوء معاملة محاكم التفتيش التي تضاعف ضرائبها على المورسكيين بأخذ ريالين من كل رب بيت، وتستولي على أموالهم.
وبيّن التقرير ضعف الوجود العسكري الإسباني في مملكة بلنسية وسهولة تنظيم ثورة إسلامية شاملة بكل سرية، لقلة الوجود النصراني في القرى الإسلامية. لذا، يؤكد المورسكيون في تقريرهم إلى الملك الفرنسي، إذا وصلت البحرية الفرنسية إلى مرفأ دانية وزودت المورسكيين بالسلاح، فسيمكنهم تسليح 60.000 رجل، ويصبح بذلك تحرير بلنسية من الإسبان شيئًا مؤكدًا. كما أكدوا في التقرير مقدرتهم على تسليح 40.000 رجل من مسلمي أراغون القديمة. وأكد التقرير أنه في حالة إبحار فرنسي، فسيجد الفرنسيون مساندة ليس من المسلمين فقط، بل حتى من اليهود والبروتستانت والكاثوليك غير الراضين على الأوضاع.