توزيعهم على النصارى القدامى، مع منعهم من الحصول على أملاك ثابتة أو الاتجار أو الحصول على وظائف تساعدهم على إلحاق الضرر بالدولة".

ولم تطبق الدولة هذا القرار إلا بعد مضي سنة كاملة على اتخاذه، لأنها أرادت تهيىء الجو وترتيب الوضع قبل تطبيق قرار في هذه الأهمية. ومع أنه من حق ملوك إسبانيا اتخاذ أي قرار يؤثر على أملاك وأرواح رعاياهم، في إطار نظام الملكية المطلقة حينذاك، فإنهم لم يستعملوا في الماضي هذا الحق إلا في حالات فردية. لذا فضل الملك فليبي الثالث، لأسباب انتهازية، أن يكون قراره في طرد طائفة بكاملها من رعاياه مبنيًّا على حكم قضائي، على الأقل ظاهرًا، ناتج عن دولة يسودها العدل، حتى يبين للجميع أن الأندلسيين طردوا من إسبانيا نتيجة حكم "عادل" لكونهم "كفرة" بالدين النصراني و"خونة" للدولة الإسبانية.

أما "كفرهم" فلا يمكن أن تشهد به إلا الكنيسة الكاثوليكية وبما أن بابا روما رفض إصدار قرار بتكفير جماعي لكل المورسكيين، رفع الملك الموضوع إلى لجنة كنسية. وفي 22/ 11 / 1608 م، اجتمعت اللجنة في بلنسية برئاسة نائب الملك لمملكة بلنسية وعضوية ماركيز قرسينة وأساقفة سقربة وبلنسية وأريولة وطرطوشة.

وتتابعت اجتماعات اللجنة حتى مارس سنة 1609 م. ولم توافق اللجنة على قرارات مجلس الدولة الأعلى ولا على رأي رئيس الأساقفة، بل أوصت بمتابعة مجهودات التنصير باللين، ومطالبة البابا بفترة عفو جديدة تدوم عدة سنوات تتوقف إبانها محاكم التفتيش عن متابعة المورسكيين. ولم يعجب الملك رأي المجلس الكنسي الذي عينه إذ لم يتماشى مع ميله إلى الطرد، لهذا "فإن الملك الكاثوليكي، وقد رأى أنه من أجل الوصول إلى نتيجة غير أكيدة وجب عليه المرور بكل هذه الأتعاب، وإذا لم يطبق قراره المقدس في طرد المورسكيين فسيكتسبون الوقت اللازم لإنجاز خياناتهم وقراراتهم في القضاء على إسبانيا، ولإنجاز أمر الطرد فقد أمر بالإسراع بتنفيذ رأي دوق ليرما".

ويتبين من هذا أن دوق ليرما هو الرجل القوي وراء قرار الطرد، وأن الملك لم تعد تهمه المجادلات الدينية، فهو قرر أن المورسكيين مسلمين وأنهم خطر على الدين والدولة. ويتلخص خطرهم على الدولة في علاقاتهم مع ثلاث دول، هي فرنسا والمغرب والدولة العثمانية. ومما يزيد تخوف الدولة الإسبانية من المورسكيين إظهار عواطفهم نحو المسلمين في الخارج، فكانوا يحتفلون لانتصارات الدولة العثمانية على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015