وانتظارًا لتوفير المصاريف الهائلة الضرورية لمثل هذا الطرد الجماعي، وكذلك لعدم موافقة الأوضاع الدولية. وحاصر كبار الدولة الملك بالرسائل التي تحرضه على الإسراع بطرد المورسكيين، كالرسالة التي توصل بها من طليطلة سنة 1584 م التي يقترح فيها كاتبها على الملك إخراج المورسكيين من طليطلة لتحصينها وإحلال النصارى مكانهم.

ولما تيقن الملك فليبي الثاني أن معظم الأهالي النصارى يساندون فكرة طرد المورسكيين، وأن الكنيسة تكاد تكون مجمعة عليه، وأن من السادة من اقتنع به ومعظمهم لن يعارضه، أصدر أمرًا ملكيًّا بتاريخ 18/ 1 / 1585 م بطرد جميع المورسكيين في ظرف شهرين، والحكم بالإعدام شنقًا لكل متخلف منهم. واستثنى الأمر أطفال المسلمين من الطرد وقرر أخذهم من آبائهم وتسليمهم للكنيسة لتنشئهم على الدين النصراني. ورغم أن مجلس الدولة أوصى بتطبيق هذا الأمر في شتاء السنة نفسها، فقد تردد الملك في تنفيذه، وبقي الوضع معلقًا. وعادت الكنيسة إلى أمل

تنصير المورسكيين. ففي 17/ 9 / 1587 م أصدر مجلس الدولة بمجريط توصية بإجراء حملة تنصير جديدة بين المورسكيين، رغم عدم اقتناعه بجدواها. وظل الوضع هكذا إلى أن مات فليبي الثاني في سنة 1598 م.

وخلف فليبي الثاني على عرش إسبانيا ولده فليبي الثالث (1598 - 1621 م)،

الذي كان يختلف عن سلفه اختلافًا كبيرًا. فبينما كان فليبي الثاني قوي الشخصية، كامل الاستبداد، كان فليبي الثالث منعدم الشخصية، تام المسالمة، فأصبح ألعوبة في يد الرهبان، وتحت نفوذ وزيره، دوق دي ليرما. وكانت الملكة مرغريتة النمساوية من طينته، ضعفًا وتعصبًا. وعند تولية فليبي الثالث، دخلت إسبانيا مرحلة سلام في علاقاتها الدولية بعد أن عقدت معاهدة مع فرنسا سنة 1598 م. كما اقتنع حينذاك نبلاء مملكتي بلنسية وأراغون القديمة بإمكانية استبدال عمالهم المسلمين بمهاجرين نصارى من فرنسا.

وفي 30/ 1 / 1599 م عقد مجلس الدولة اجتماعًا بحث فيه موضوع طرد المورسكيين، وأوصى هذه المرة بطرد الرجال الذين تزيد أعمارهم عن الستين سنة، والنساء، إلى شمال إفريقيا. أما الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 60 سنة، فيحكم عليهم بالأشغال الشاقة فوق السفن مدى الحياة كعبيد، وبمصادرة جميع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015