يشاركوا في أي عمل فدائي، بنقلهم إلى قشتالة، وكذلك ضد من يحميهم وحتى من لا يحاربهم. ثم أخذ نائب الملك يتفاوض مع عائلات صليح وأتباعه ووعدهم بعدم قتلهم إذ استسلموا. واضطر صليح بذلك إلى الاستسلام في صيف سنة 1586 م إلى سلطات بلنسية، ومعه 21 فدائيًّا. وطبعًا غدرت تلك السلطات بالمستسلمين، وحكمت عليهم في 4/ 11 / 1586 م بالموت البطيء، وهو الخدمة الشاقة في مناجم المعدن لمدة ثلاثين سنة.
وتابعت الكنيسة اضطهادها لمسلمي مملكة أراغون. ففي سنة 1587 م، قامت الكنيسة في مملكة بلنسية بحملات تنصير جديدة. وفي سنة 1599 م، أخذت الكنيسة والدولة تتبعان طرقًا قمعية أكثر شراسة للقضاء على العادات الإسلامية رغم يأسهما من تنصير المسلمين تنصيرًا حقيقيًّا. وكأن التنصير أصبح في يد الرهبان سلاحًا لاستفزاز الأهالي المسلمين وتهديدهم واستنزاف أموالهم.
ثم تتابعت قرارات الدولة التي تأمر بنزع سلاح مورسكيي مملكة أراغون، في 16/ 6 / 1567 م ثم في سنة 1573 م و 1575 م و 1578 م و 1581 م و 1588 م و 1593 م و 1596 م، الخ ... وفي 6/ 10 / 1575 م اتخذت الدولة قرارًا بمنع المورسكيين البلنسيين من الاقتراب من الشواطىء، ومعاقبة كل مخالف بثلاث سنوات خدمة تجديف في السفن. وفي 1/ 8 / 1586 م صدر قانون، يؤكد قانونًا سابقًا بتاريخ 1559 م، بمعاقبة كل من يغير محل إقامته، وبطرد كل المورسكيين الذين ليسوا من أصل بلنسي من مملكة بلنسية.
ولم ينج من متابعات محاكم التفتيش لا أقوياء المسلمين ولا ضعفاؤهم.
وتابعت تلك المحاكم حتى أفراد أسرة بني عامر، من وجهاء بلدة بني وزير من أعمال بلنسية، الذين كان لهم نفوذ كبير وغنى وجاه وصداقة مع البلاط الملكي.
ففي مايو سنة 1567 م صدر قرار محكمة التفتيش بالقبض على الأخوة الثلاثة كوزمي وخوان وهرناندو، وتابعت ملاحقتهم إلى سنة 1577 م. ولم ينج من الموت حرقًا إلا بعد استنزاف جميع أموالهم وتدخل ذوي الجاه لصالحهم. وكانت تهمتهم إخفاء العقيدة الإسلامية. ولم تتركهم محاكم التفتيش إلا بعد إعلانهم الإخلاص للنصرانية والتوبة من جريمة إضمار الإسلام. وكانت هذه طريقة محاكم التفتيش في متابعة ذوي المال من المورسكيين لاستنزاف أموالهم واقتسامها بين قضاتها.