ولم يكن يدافع عن المورسكيين من وقت لآخر ضد تجاوزات الكنيسة والحكومة سوى النبلاء الذين كانوا يعملون في أراضيهم. لأنهم كانوا يعيشون عالة عليهم، وكان اضطهاد المورسكيين يؤدي إلى نقص في إنتاجيتهم، وبالتالي في دخل السادة. فمثلاً، في سنة 1570 م، أدانت محكمة التفتيش في مملكة بلنسية دون سانشو دي كاردونا، أمير بحر أراغون، بتهمة التعاطف مع المسلمين. وقد اكتشفت المحكمة أنه ساعد المسلمين الذين يعملون عنده على الصلاة سرًّا، وجدد بناء مسجد مهدم في قرية ادزانيتة. كما استعمل بعض النبلاء رغبة عمالهم في الحفاظ على الإسلام لأخذ ضرائب باهظة منهم مقابل عدم الوشاية بهم، كما حدث سنة 1580 م عندما اكتشفت محاكم التفتيش أن دوق سقوربة كان يسمح لخدامه بالأذان مقابل دفع غرامة له.

هكذا أصبح المورسكي في مملكة أراغون ضحية كل من أراد استغلاله من كبير أو صغير، فالكنيسة تتابعه، والدولة تغرمه، والنبلاء يستغلون عمله، وصغار النصارى يسرقون ماله ويبيعون أطفاله عبيدًا. فلا غرابة أن يحاول التحالف مع أي قوة تنقذه من هذا الوضع المخزي.

4/ 4 - علاقات مسلمي إسبانيا الخارجية من 1570 م إلى 1608 م:

كانت للمورسكيين في هذه الحقبة علاقات مع ثلاث جهات: الدولة العثمانية، كأكبر قوة إسلامية في البحر الأبيض المتوسط حينذاك؛ والمملكة المغربية، التي كونت الدعم الطبيعي لمسلمي الأندلس عبر التاريخ؛ وهوكونو فرنسا، الذين كانوا يشتركون مع المورسكيين في العداوة للكاثوليكيين، ويشاطرونهم نفس الاضطهاد من نفس العدو.

كانت العلاقة بين المورسكيين والدولة العثمانية متواصلة، وكان لهم في الدولة العثمانية أكبر الأمل في تخليصهم من الاستعباد الذي أسقطتهم فيه الكنيسة الكاثوليكية والدولة الإسبانية. وكانت الدولة العثمانية تستجيب دائمًا لنداءات الأندلسيين، لكن ليس بالمستوى الذي كانوا يأملونه. وهكذا خيب السلطان سليم الثاني (1566 م - 1574 م) آمال الأندلسيين إبان ثورة غرناطة الكبرى، وخذلهم بتفضيل فتح قبرص على إنجادهم جديًّا. ورغم ذلك فتحت الدولة العثمانية على الدوام أراضيها، خاصة في شمال إفريقيا، للمهاجرين الأندلسيين. وعمل العثمانيون على إنقاذ إخوانهم بالرسو على الشواطىء الإسبانية ونقل من يريد الهجرة من الأندلسيين إلى الجزائر. وقدر عدد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015