السجناء يذبحونهم دون سابق إنذار، ثم فتحوا أبواب السجن لعامة النصارى، ومضوا الليل جميعًا قتلاً في المسلمين العزل حتى أتوا على ما لا يقل عن 150 سجينًا من أعيان غرناطة الذين احتفظ بهم الإسبان رهائن للضغط على المجاهدين. ولم ينج من هذه المذبحة الشنيعة سوى والد محمد بن أمية أنطونيو دي بالور وأخيه فرنسسكو. ثم بعد هذه المذبحة قامت محاكم التفتيش بالحكم على القتلى بمصادرة أموالهم.

ولما علم أهل مملكة غرناطة بهذه الجريمة، ثاروا في عدة مدن، كطرش وعذرة، ضد الجيش وقتلوا عددًا من الجنود والضباط. بينما قضى جيشا دي مندوجر ودي بلش معظم شهر مارس في القتل والسلب والنهب، وشتتا المجاهدين على أعالي الجبال بعد أن كبدوا النصارى خسائر كبيرة في الأرواح. وكان مصير من استسلم من المجاهدين الاسترقاق. غير أن شراسة النصارى ضد المسلمين، المسالمين منهم والمحاربين، أدت بالمسلمين إلى تفضيل الموت في معركة الدفاع عن الدين والشرف على الموت دون سبب، مما أذكى روح الجهاد من جديد.

ولم يلتحق بالمجاهدين من الدول الإسلامية إلا بعض المتطوعة المغاربة والجزائريين والأتراك، وقليل من المال والعتاد من الجزائر. وهذا نص رسالة جوابية من السلطان سليم للمجاهدين الأندلسيين في هذه الفترة: "مهمة دفتري رقم 14 حكم رقم 231 بتاريخ 24 شوال عام 977 هـ موافق 20/ 1 / 1569 م، أعطي إلى خليل جاوخي في 10 ذي القعدة. حكم إلى أهالي الأندلس".

"وصل إلى أستانة سعادتنا عرض حالكم الذي جاء فيه أن الكفارة، دمرهم الله وأضلهم، قد سلبوكم أسلحتكم ومنعوكم من التحدث بالعربية، وأنهم يتعرضون لنسائكم ويمارسون كل أنواع الظلم والتعدي عليكم. وتعلمون أنه يوجد حاليًّا لديكم عشرون ألف رجل مسلم كما أن هناك مائة ألف رجل قادر على حمل السلاح. وعلمنا باستلامكم مقدارًا من السلاح من الجزائر، وأن ذلك قد ربط على قلوبكم، وتمكنتم بذلك من تكبيد الكفار العديد من الخسائر. فالحمد لله على نصر أهل الإسلام، وليكتب لهم الفوز الدائم على الكفار، أضلهم الله. وقد عرض بالتفصيل كل ما جاء في عرض حالكم من تحريرات وتقريرات على سرير سعادتنا، وأحاط علمي الشريف الملوكي وشمل كل ما يتعلق بأحوالكم وأخباركم، وأن أنظاري منصرفة دائمًا نحوكم".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015