أن عذبوه شر عذاب. وقتل جنود مندوجر كل من وقع بأيديهم من أهل المجاهدين، نساء وأطفالاً وشيوخًا، وانتشروا في البلدة يسرقون وينهبون.

واعتقد مندوجر أن القضاء على الثورة أصبح وشيكًا وأراد القبض على محمد بن أمية. فلاحقه بجيشه على رؤوس الجبال، وقد علم من جواسيسه أن ابن أمية يقضي الليل في بيت محمد بن عبو في بلدة مشينة. فهجم الجيش على بيت ابن عبو، لكن ابن أمية تمكن من الإفلات.

وكان فراندو الغرمي، قائد المجاهدين في الجبهة الشرقية، قد عسكر في بلدة جسيقة على وادي أندرش. فتوجه جيش الماركيز دي بلش على رأس جيش قوامه خمسة آلاف رجل وثلاثمائة فارس، وصفهم المؤرخون الإسبان أنهم كانوا جميعًا لصوصًا وقتلة، لا يهمهم إلا السلب والنهب وإزهاق أرواح العزل. فوصل الجيش إلى جسيقة يوم 12/ 1 / 1569 م واشتبك في أكبر معركة له مع المجاهدين، اضطر فيها الثوار إلى الانسحاب إلى أندرش. فلحقهم الجيش، لكن فرقة من المجاهدين اتجهت نحو المرية بقيادة ابن مكنون، واستقرت بضواحيها في بلدة فليش. فتحول نحوها جيش دي بلش خوفًا على سقوط المرية في يد المسلمين. فاشتبك الجيش مع فرقة ابن مكنون في 18/ 1 / 1569 م وأرغمها على الانسحاب بعد أن استبسلت في الدفاع على الحصن في معركة شارك فيها النساء والأطفال. وقد قتل جيش دي بلش في هذه المعركة عدة آلاف من المسلمين وأسر نحو 2.000 من النساء والأطفال وباعهم كعبيد، من بينهم ابن وأختان للقائد ابن مكنون. ثم اتجه الجيش نحو أندرش وأوهانش.

هكذا كان وضع الثورة الأندلسية في أواخر شهر فبراير عام 1569 م: حرب غير متكافئة، لا هوادة فيها، يدافع فيها المسلمون بأسلحة بالية دون تدريب عسكري مسبق ضد جيشين كبيرين لأقوى دولة آنذاك في أوروبا. وللتغلب على حرب العصابات التي مهر فيها المسلمون عمل جيش النصارى على قتل عائلاتهم من نساء وأطفال وسبيهم وبيعهم رقيقًا في الأسواق. ولم ينج المسلمون الذين رفضوا الانضمام إلى الثورة، كأهل غرناطة، من هذه المعاملة، إذ تابعهم النصارى بمضايقات لا حدود لها كانت أفظعها مذبحة سجن غرناطة.

في مارس عام 1569 م انتشرت إشاعات مفادها أن ابن أمية سيحتل غرناطة على رأس قوة من المجاهدين. فهجم حرس السجن في 17/ 3 / 1569 م على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015