وفي العاشر من ذي القعدة نودي بالعسكر أن يخرجوا إلى باب النصر، وتتبعت الحمير من الدواليب والبساتين ليحمل عليها الأمتعة السلطانية، فتضرّر الناس بذلك كثيراً وكثر الدعاء عليه.

وفي الخامس عشر منه خرج السلطان إلى الغوطة فنهب عقربا، وكان قد سعى عنده أن الأمراء الهاربين بها، فلم يجد منهم أحداً وعظم الضرر بالناحية المذكورة.

وفي سابع عشره خرج الناصر من دمشق ونزل بقبة يلبغا ورجع بكتمر جلق بخلعة على نيابة الشام، فلما كان في سلخ ذي القعدة ألزم قضاة الشام بعشرة قراقل والتجار بعشرة أخرى وفي ذي القعدة خامر أقبغا شيطان وكان على المرقب من جهة شيخ فسار إلى جهة حلب مظهراً لطاعة السلطان، وتوجه السلطان إلى جهة الكرك لما تحقق حلول الأمراء بها، وأرسل حريمه إلى القاهرة فوصلوا ووصل صحبتهم أكثر الأثقال والقضاة في ذي الحجة، ووصل الناصر إلى الكرك فحاصرها، فمشى تغري بردي وتمراز الناصري في الصلح بين الناصر وبين الأمراء إلى أن استقر الأمر على أن يكون شيخ في نيابة حلب وتستمر قلعة المرقب بيده، وأن يكون نوروز في نيابة طرابلس وشرط الناصر عليهما أن لا يخرجا إمرة ولا إقطاعاً ولا وظيفة إلا بأمره وان يسلما قلعة الكرك ومدينتها له، وكذلك يسلم شيخ قلعة صرخد وقلعة صهيون وحلف الجميع على الوفاء بذلك وخلع عليهم وعلى من معهما خلعاً كثيرة وقرر يشبك بن أزدمر أتابك العساكر بدمشق وسودون بن عبد الرحمن أميراً بمصر وقايتباي المحمدي أميراً بحلب، ونزلوا الجميع إلى الناصر وأكلوا على سماطه وعملوا الخدمة عنده، ورحل الناصر من الكرك إلى القدس وسار تغري بردي إلى جهة دمشق وقد استقر نائبها عوضاً عن بكتمر جلق، فأقام الملك الناصر بالقدس خمسة أيام ورجع متوجهاً إلى القاهرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015