أهلها إلا نحو خمسين نفساً، وانشقت الأرض وانقلبت قدر بريد من القصير إلى سلقوهم، وهي بلد فوق جبل، فانتقلت عنه قدر ميل بأشجارها وأبنيتها وأهلها ليلاً ولم يشعروا بذلك، وكانت الزلزلة بقبرص، فخرب منها أماكن كثيرة، وكانت بالجبال والمناهل، وشوهد ثلج على رأس الجبل الأقرع، وقد نزل البحر وطلع وبينه وبين البحر عشرة فراسخ؛ وذكر أهل البحر أن المراكب في البحر الملح وصلت إلى الأرض لما انحسر البحر، ثم عاد الماء كما كان ولم يتضرر أحد.
وفيها ألزم القضاة أن يخففوا من نوابهم فاستقر للشافعي أربعة وللحنفي ثلاثة وللمالكي كذلك وللحنبلي اثنان، فدام ذلك قليلاً ثم بطل.
وفيها تجهز الناصر إلى دمشق فأمر قبل خروجه بقتل من بالإسكندرية وغيرها من المسجونين؛ فقتل بيبرس ابن أخت الظاهر وبيغوت وسودون المارداني في آخرين، وفي أواخر السنة قتل فخر الدين ابن غراب غيلة وكان في سجن جمال الدين الأستادار وكان يسمى ماجداً فسمي في أيام وزارته وعظمة أخيه محمّداً، وكان سيئ السيرة جداً، وكان يلثغ لثغة قبيحة، يجعل الجيم زاياً والشين المعجمة مهملة، وأخرج من السجن بيت الشهاب ابن الطبلاوي ميتاً، وقتل في السجن أيضاً ناصر الدين محمّد بن كلفت الذي ولى إمرة الإسكندرية وشد الدواوين وولاية القاهرة مرات، وفي رمضان نودي بالقاهرة أن لا يتعامل أحد بالذهب البتة ومنع من بيع الذهب المصبوغ والمطرز، وكتب جمال الدين على أهل الأسواق قسامات بذلك ولقي الناس من ذلك تعباً، ثم سعى جمال الدين في ذلك إلى أن بطل ونودي أن يكون المثقال بمائة فأخفاه أكثر الناس ولم يظهر بيد أحد من الناس فوقف الحال ثم نودي أن يكون بمائة وعشرين بعد أن كان بلغ مائة وسبعين.