وبعد قليل نم بعض الناس على جمال الدين بأنه عمل مدرسة وبالغوا في وصفها وما بها من الرخام والزخرفة وأنه ما اكتفى بذلك حتى شرع في أخرى بباب زويلة، فاستفسره الناصر عن ذلك ففهم من أين أتى فقال: إنما شرعت في عمل صهريج ومسجد وفيه مدرس على اسم مولانا السلطان ليختص بثواب ذلك، فأرضاه بذلك وقد لزم غلطه فصيره له حقيقة فلم يكمل جمال الدين من ذلك الوقت سنة حتى قبض عليه وأهلك كما سيأتي.
وفيها كملت مدرسة الخواجا علاء الدين الطرابلسي بسويقة صاروجا بدمشق.
وفيها نودي في شعبان بالقاهرة أن لا يركب أحد الخيل والبغال إلا الأجناد الذين في خدمة السلطان أو الأمراء خاصة، ثم سعى للقضاة فأذن لبعضهم ثم صار يؤذن بمراسيم سلطانية للواحد بعد الواحد من ديوان الإنشاء، واشتد الأمر في ذلك فصار المماليك ينزلون من رأوه راكباً فرساً إلا أن أخرج لهم المرسوم؛ ثم بطل ذلك في أواخر السنة.
وفي سادس عشر رجب صرف ناصر الدين ابن العديم من قضاء الحنفية واستقر أمين الدين الطرابلسي بعناية جمال الدين الأستادار.
وفي عاشر شعبان جاءت زلزلة عظيمة في نواحي بلاد حلب وطرابلس فخرب من اللاذقية وجبلة وبلاطيس أماكن عديدة وسقطت قلعة بلاطيس، فمات تحت الردم خمسة عشر نفساً وخربت شعر بكاس كلها وقلعتها، ومات جميع