وضربه ضرباً مبرحاً واستأصل أمواله ومات من العقوبة في أواخر السنة وقد قتل به سودون قصاصاً بعد ذلك كما سيأتي.
علي بن عبد الله التركي نزيل القرافة بالجبل المقطم كان للناس فيه اعتقاد كثير ويحكى عنه كرامات وكانت شفاعته لا ترد مات في ربيع الأول، وكان أبوه من المماليك السلطانية فنشأ هو في بيت الملك الناصر الكبير، فلما كبر خرجت في وجهه قوبا فتألم منها وعالجها فلم ينجع فيها دواء فوجد شيخاً يقال له عمر المغربي فطلب منه الدعاء فاستدناه ولحس القوبا بلسانه فشفاه الله سريعاً فاعتقده ورمى الجندية وتبع الشيخ المذكور وتسلك على يديه وانقطع إلى الله ولم يترك زي الجندية ولا أخذ في يده سبحة ولا لبس مرقعه بل كان مقتصداً في ملبسه ومأكله وكلما يفتح عليه يتصدق به ويؤثر غيره، ومات وله أربع وثمانون سنة، وكان يقول: ما رأيت أورع من الشيخ عمر ولا أهيب من الناصر، وكان يقول: أعرف الناس من أيام الناصر، ما رأيت لهم عناية بأمر الدين لكن كان فيهم حياء وحشمة تصدهم عن أمور كثيرة صارت تبدو من رئيس الرؤساء الآن، قلت: فكيف لو أدرك زماننا! يقال بلغ التسعين، وذكر لي أنه كان يذكر ما يدل على أن عمره أربع وثمانون سنة، وقد زرته وأنا صغير وسمعت كلامه ودعا لي ولكني لا أتذكر أني زرته وأنا كبير فالله أعلم.