ثم لما استقرت قدمه في المملكة عمر جامع برصا ورخمه من ظاهره وباطنه وجعل الماء في سطحه ينزل منه فيجري في عدة أماكن، وعمر المارستان وأنشأ نحو ثلاثمائة غراب وملأها بالأسلحة والأزودة فصارت بحيث أراد أن يركبها خرجت في يومها، ورتب بالساحل من يعمل الأزودة دائماً بحيث لا يتعذر عليه إذا أراد الغزو شيء، واشتهر بالجهاد في الكفار حتى بعد صيته وكاتبه الظاهر وهادنه وأرسل إليه أميراً بعد أمير ولم يبق أحد من الملوك حتى كاتبه وهاداه، حتى كان الظاهر يخاف من غائلته ويقول: لا أخاف من اللنك فإن كل أحد يساعدني عليه وإنما أخاف عثمان وسمعت ابن خلدون مراراً يقول: ما يخشى على ملك مصر إلا من ابن عثمان، ولما مات الملك الظاهر كثرت الأراجيف بأنه سيقدم لأخذ مصر، ثم قدر أن اللنك لما دخل الشام ورجع تعرض لمملكة ابن عثمان، فلم يزل يكايده حتى طرقه وأسره ومات في أسره قاتله الله، وسأذكر شيئاً من أخياره وسيرته في سنة وفاته إن شاء الله تعالى.

وفيها استقر يلبغا السالمي علي سعيد السعداء فقطع منها جماعة من الأغنياء وعمل فيها بشرط الواقف، وشدد في ذلك حتى قال فيه الشاعر:

يا أهل خانقة الصلاح أراكم ... ما بين شاك للزمان وسالم

يكفيكم ما قد أكلتم باطلاً ... أوقافها وخرجتم بالسالمي

ثم جمع السالمي القضاة والمشايخ وقرأ عليهم شرط الواقف وسألهم عن الحكم الشرعي في ذلك، فطال بينهم النزاع فتكلم زين العابدين القمني، وكان ممن أخرج منها بكلام كثير ثم تكلم شهاب الدين العبادي موقع الحكم، وأحد الفضلاء الحنفية فبسط لسانه في السالمي، وافترق المجلس فأشاع العبادي أن السالمي قال لمن شفع عنده في بعض من أخرجه: لو جاء جبريل وميكائيل يشفعان عندي في العبادي ما قبلتهما! وأكثر من الشناعة عليه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015