وفي يوم الثلاثاء الثاني والعشرين منه قدم المجاهدون من بحر الفرنج وكانوا أرسلوا على رودس وراسلوا صاحبها بكتاب من السلطان، فجاءهم من أنذرهم أن الفرنج أرادوا أن يبيتوهم، فخرجوا من الساحل فأحاطوا بهم فقاتلوهم إلى الليل، فهبت ريح شديدة ومطر فأفرجت لهم، فساروا كما هم إلى أن مروا على بعض سواحل البلد فرأوا في طرفها معصرة قصب سكر، فنزلوا عليها، فنهبوا ما فيها وأسروا من وجدوه من المزارعين وغيرهم، ورضوا بهذه الغنيمة التافهة، ونجوا بأنفسهم بعد أن قتل منهم نحو الأربعين وجرح جماعة، ولم يظفروا بما خرجوا بسببه - ولله الإرادة يفعل ما يشاء وينصر من يشاء.

وفي هذا الشهر بطوله كان الحر مستمراً، ووافق شهر بابة من أشهر القبط، ولم يعهد ذلك حتى كان الحر فيه اشد مما كان في الذي قبله وهو - توت، وثبت النيل ثباتاً عظيماً، فلم ينقص في طول هذا الشهر سوى نحو الذراع ثم اخذ في النقص، واستمر الحر في هاتور، فلم يكن فيه من أوله إلى آخره البرد المعهود إلا اليسير. وأواخره دخل كيهك يوم الأحد ثاني رجب والأمر على حاله إلا أنه في صبيحته وقع برد وليس بالشديد وظهر الزرع، ثم وقع البرد في أول يوم من فصل البرد وهو عند نزول الشمس القوس واستمر، ثم تزايد هبوب الريح المريسية واشتد التأذي بها حتى وقع في أوائل طوبة الذي يسمى الصقيع، فأفسد كثيراً من الزروع كالقصب والفول والبرسيم. فلما كان في الرابع عشر من شعبان وهو الثالث عشر من طوبة وقع مطر رقيق من طلوع الفجر إلى آخر النهار فوقع الزلق والوحل.

جمادى الآخرة - أوله الجمعة، في أوله شرع النيل في النقص، وشرع الناس في الزرع.

وفي الثاني منه أحضر شهاب الدين أحمد بن يوسف الكوراني مجلس السلطان بحضرة القاضي الحنفي والمحتسب، فعزز بالضرب تحت رجليه بعد أن كان السلطان أمر أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015