مال جزيل فلم يلتفت برقوق لذلك وصمم على ولاية ابن الملقن فبلغه ذلك فأشار عليه بعض أصحابه أن يرضى بركة لئلا يفسد عليه الأمر بسعي ابن أبي البقاء، فكتب له ورقة بأربعة آلاف دينار لبركة فلما شاور برقوق الأمراء في تولية ابن الملقن وأثنى عليه بالدين والفضل فقال له بركة: يا آغا! اصبر علي حتى أقبض منه الذي وعدني به، فتغيظ من ذلك وأخذ الورقة وأمر بإحضار ابن الملقن وجميع العلماء، فتكلم كل أحد بما يهوى، فأخرج برقوق الورقة وقال للشيخ سراج الدين: هذا خطك؟ فقال: لا، وصدق في ذلك فإن الورقة لم تكن بخطه وإنما كتبها الذي أشار عليه على لسانه، فازداد غيظه عليه وأهانه وسلمه للمقدم محمد بن يوسف وأمره أن يخلص منه المال الذي وعده به في الورقة، فاتفق أن المقدم المذكور كان وقع في واقع فرفع أمره إلى ابن الملقن فحكم بحقن دمه فرعى له ذلك، فلما كان يوم الخميس رابع عشرين ربيع الآخر اجتمع البلقيني والركراكي وطائفة من العلماء وسألوا الأمير في الشيخ سراج الدين فوعدهم بأن يطلقه فصمم البلقيني وقال: لا أتوجه إلا به، فسلمه له فنزل به وكان ابن الملقن قد دخل في رأسه دخان المنصب فولي وعزل وعين جماعة لوظائف، فلم يتم له شيء من ذلك، قرأت بخط القاضي تقي الدين الزبيري: كان السبب في سعي ابن الملقن أن برقوق كان طلب من يقرأ عنده عليه البخاري في رمضان سنة تسع وسبعين، فذكروه له فاجتمع به وصارت بينهما صداقة، فلما استقر بدر الدين بن أبي البقاء استنابه في الصالحية وأعطاه الشرقية لقربه من برقوق فتاقت نفسه إلى المنصب، فذكر القصة وذكر أنه أهين في ذلك المجلس وأنه لما سئل أجاب بأنه سعى لتعيين ذلك عليه فأمر برقوق القاضي بدر الدين بعزله وسلمه لشاد الدواوين فبقي عنده إلى أن خلص في أول جمادى الآخرة.

وفي ربيع الأول سعى الشيخ شمس الدين العليمي في مشيخة الخانقاه الأسدية بدمشق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015