وفي ليلة الجمعة ثاني صفر أمطرت السماء مطراً غزيراً غير كثير فنزل البحر، وكان له من يوم السبت السادس والعشرين من المحرم ما زاد شيئاً إنما ينادي بإصبع أو إصبعين تطميناً للناس فلم يناد يوم الجمعة بشيء، فلما كان بعد دخول الشهر زاد قليلاً، وتمادى ذلك إلى الرابع عشر من صفر الموافق للثالث عشر من مسري، فكان في صبيحته في العام الماضي قطع البحر واوفى وزاد من الذراع السابع عشر، وكان انتهاءه في مثل هذا اليوم من هذا العام إلى ثلاثة عشر ذراعاً وعشرين إصبعاً، فالنقص بينهما ذراعان وربع ذراع، ثم من الله بوفاء النيل يوم الاثنين سادس عشري صفر، وقطع البحر في صبيحته على العادة، وكان في العام الماضي في هذا اليوم ثمانية عشر ذراعاً سواء.

وفي يوم الخميس نصف الشهر بلغ الأتابك جقمق والامراء وغيرهم أن المماليك الجلب قصدوا الفتك بهم بغتة، وثم عليهم بعضهم فلبسوا السلاح وحذروا، وراسل الأتابك السلطان في ذلك والتمس أن يجهز إليه رؤوسهم وهم أربعة سماهم منهم جكم خال السلطان، فترددت الرسل في ذلك فلم يقع الإجابة، وأرسل إلى القضاة وأشهدهم ومن حضر أنه باق على بيعته في طاعة السلطان ولكنه يلتمس من مماليك السلطان أن يقفوا عند اليمين التي حلفوها في حياة الأشرف أنهم يكونون بعده في طاعة ولده والأتابك نظام الملك، ثم أرسل السلطان إلى القضاة في يوم الجمعة، فراسل الأتابك يسأله عن مراده فعادوا له بما ذكر، وتكرر ذلك فلم تقع الإجابة ونشبت الحرب بين الطائفتين، فعمد الأكابر إلى الأتابك فتحول معهم إلى بيت نوروز، ثم لما وقع التزامي دخل أولئك المدرسة الحسينية بالرملة وعلوا على سطحها ونصبوا المجانيق ورموا السهام، وحصروا المماليك بالإصطبل، وبادروا إلى الماء الذي يصل إلى القلعة في القناة التي تمد من النيل فقطعوها فباتوا في ضيق،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015