الحكم فيهم، فقال - له - الشافعي: الحيلة في ذلك سائغة عندي وعند الحنفي فليفوض أمرهم إلى المالكي والحنبلي، ثم سأل عن النواب فقال له الشافعي: كان السلطان أمر قبل السفر بعشرين وهم الآن أربعون لكن كل اثنين في نوبة ثم سأل من الرسل وأمر أن لا يعطي الرسول إلا ثلثين وانصرفوا، ثم لم يعد يطلبهم إلى مجلس حكم بعد أن كان شاع أنه أمر أن يواظبوه كل سبت وثلاثاء، فبطل ذلك.
واستهل جمادى الآخرة ليلة الاثنين، فيه أرسل ناصر الدين بن دلغادر ولده سليمان إلى مراد بن عثمان صاحب الروم يستنجد به على إبراهيم بن قرمان، وكان ابن قرمان قد أخذ منه - قيصرية ونازل صاحب أماسية وهو من حاشية ابن عثمان، فجهز مع سليمان عسكراً وندب معه صاحب توقات وأمره بمحصارة قيصرية ويسلمها لابن دلغادر، وجهز عيسى أخا إبراهيم على عسكر آخر ليغير على بلاد أخيه إبراهيم، فبلغ ذلك صاحب مصر فكتب إلى أمراء الطاعة من التركمان بمعاونة إبراهيم بن قرمان.
وفي يوم الجمعة خامس جمادى الآخرة أرسل القاضي المالكي ورقة إلى كاتب السر يستعفي من القضاء، فقرأها على السلطان فأعفاه وأمره إن يعين قاضياً غيره ويستمر بمعاليم القضاء له - دون الذي تعين، فلما بلغ ذلك ولد القاضي قام وقعد وسعى عند علي باي الخازندار وأنكر أن يكون أبوه كتب الورقة، فبلغ ذلك كاتب السر فصعب عليه نسبتهم إياه إلى الكذب، وأخرج الورقة فوجدوها بخطه الذي لا يرتاب فيه، ومع ذلك فاعتنى بهم على باي، ولم يستطع كاتب السر يوسع في القضية كلاماً رعاية لخاطر الخازندار المذكور فإنه كان يومئذ من أقرب الناس منزلة عند السلطان، فاستقر الحال على أنه تحيل للسلطان أن يعيد ولاية المالكي فأجابهم لذلك، واستمر في القضاء بعد ذلك إلى أن مات في رمضان سنة اثنتين - كما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى.