وسمع الشيخ بدر الدين المذكور من عبد الله الباجي ومن السراج الكومي وبطبقتيهما وأكثر عن شيوخنا، ولازم الشيخ سراج الدين البلقيني وابن الملقن والعراقي، واشتغل في الفقه والحديث والعربية ومهر، وسكن المدرسة الصالحية ووقع فيها لي الحكام مدة ثم ناب عن القضاة، واستمر إلى أن كان كثير النواب في آخر عمره، وحج قبل موته بقليل، ودرس للمحدثين في المنصورية، وولي عدة وظائف، ودرس بالكهارية، وتصدى للفتيا وللاشتغال بالفقه وغيره، وأضيف إليه قضاء الجيزة مدة وغيرها، وكان قليل الشر حسن المحاضرة والمذاكرة، يستحضر كثيراً من أخبار القضاة الذين أدركهم وما جرياتهم، وله نوادر ظريفة، حضر معنا سماع الحديث بالقلعة يوم الأحد إلى العصر ورجع إلى بيته فأقام يوم الاثنين وهو طيب إلى أن دخل الليل فصلى العشاء ودخل الفراش فقال: أجد غما، فلم يلبث أن مات فجأة وقد قارب الثمانين - رحمه الله تعالى! واتفق أن بعض الناس شكك أهله وأولاده في موته، وقال لهم: هذا به سكتة ويب أن تختبروا أمره لئلا تدفنوه حياً، فأحضروا طبيباً فجسه وأمر بفصده، فامتنع الفاصد حتى اجتمع ثلاثة من الأطباء وقالوا إن ذلك لا يضر ففصد فخرج منه دم كثير، ثم فصد في الذراع الآخر فخرج منه دم كثير أيضا، فترك إلى أن أمسى ثم إلى أن اصبح فأروح، فاتفقوا على موته، ودفن ثامن عشر شعبان ضحى يوم الأربعاء، وخلف أربعة أولاد ذكور.
محمد بن أبي بكر بن محمد بن الخياط، الحافظ الجليل المفتي حافظ البلاد اليمنية جمال الدين ابن الإمام رضي الدين، ولد سنة ... وتفقه بأبيه وغيره حتى مهر، ولازم الشيخ نفيس الدين العلوي في الحديث، فما مضى إلا اليسير حتى فاق عليه حتى كان لا يجاريه في شيء، وتخرج بالشيخ تقي الدين الفاسي، وأخذ عن