وفي تاسع عشر شهر ربيع الآخر حضر أينبك وحده إلى بلاط الصغير فتوجه معه إلى يلبغا الناصري فأرسله إلى سجن الإسكندرية، وفي ذلك يقول شهاب الدين بن العطار:

من بعد عز قد ذل أينبكا ... وانحط بعد السمو من فتكا.

وراح يبكي الدماء منفردا ... والناس لا يعرفون أين بكا.

وفي ليلة الرابع من رجب سكر قطلقتمر أخو أينبك وهو في السجن، وقام ليبول فسقط من طاق في المكان فمات سكراناً، ودفن في صبيحة ذلك اليوم من غير غسل ولا صلاة وكان هو رأس هذه الفتنة كلها لأنه أكبر الأسباب في القيام على الأشرف، وأراد بلاط الصيد فغدا إلى الجيزة فأرسل إليه برقوق يخيره في أي نيابة أراد من البلاد فامتنع وأراد إثارة الفتنة فوجد المعادي قد عوقت عليه فتوجه إلى الكرك بطالاً.

وفي ذي الحجة وقعت الوحشة بين الأميرين برقوق وبركة وبين أتابك العساكر طشتمر، وكان يحب السلامة ويكره القتال، وكان يسلم للأميرين جميع ما يختارانه من ولاية وعزل وأمر ونهى وغير ذلك، فطمعا فيه وصارا يقترحان عليه إبعاد واحد بعد واحد من أمرائه وخواصه فيفعل ما يقترحانه عليه إلى أن كان آخر ذلك أن أمراه بنفي كمشبغا رأس نوبته، فأراد تسليمه لهما فامتنع ودخ عليه مماليكه ليلة عرفة ملبسين وقالوا له: إن لم تركب معنا قتلناك، فوعدهم وصرفهم ودخل إلى بيت الحريم ثم أقفل الباب، فركب من كان لبس من مماليكه إلى الرميلة وبلغ ذلك الأميرين فركبا ودقت الكوسات وتكاثر مماليك طشتمر على أولئك فكسروا طلب بركة وعدة من أطلاب الأكراء وظهرت من تقطاي الطواشي خادم طشتمر شجاعة عظيمة وحمل في مائتي نفس فكسرهم وهو يقول: أين أصحاب الخصى؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015