وفيها كان الغلاء الشديد بحلب وطرابلس حتى بيع المكوك بستمائة درهم وأكلت الكلاب وغيرها وبيع الشيء الذي كان يباع بدرهم بأربعين درهماً ولما فر السلطان من العقبة اضطرب الناس فانحدر القاضيان برهان الدين الشافعي وجار الله الحنفي إلى القدس فأقاما فيه إلى أن سكنت الفتنة ثم قدما القاهرة يوم الاثنين سادس عشر ذي القعدة ورجع أكثر الرؤساء إلى القاهرة. وتوجه بهادر المشرف بمن بقي إلى مكة وأخذت خزائن السلطان فنهبت ورجع طشتمر والخليفة وتقي الدين بن ناظر الجيش وكان سافر معهم عوضاً عن أبيه لضعفه وبدر الدين كاتب السر وبدر الدين الأخنائي قاضي المالكية والشيخ سراج الدين البلقيني وصحبتهم حريم السلطان إلى أن دخلوا القاهرة فلما دخلوا أنكر طشتمر ما جرى وركب إلى قبة النصر وأراد أن يسلطن الخليفة فلم يوافق على ذلك فاقتتلوا معه فانكسر ثم أعطى النيابة بدمشق وتوجه إليها في عاشر ذي القعدة. وجددت البيعة في ثامن ذي القعدة للملك المنصور ثم ثار المماليك الذين أعانوا الأمراء على قتل الأشرف فطالبوهم بالنفقة التي وعدوهم بها وهي على ما قيل لكل نفر خمسمائة دينار فماطلوهم فجاهروهم بالسوء فلما خشوا على أنفسهم أمروا بمصادرة المباشرين والتجار ودام ذلك مدة وكان ما أخذ من المودع الحكمي مائتي ألف دينار فيما قيل ومن مثقال الجمالي مائة ألف دينار ومن صلاح الدين بن عرام نحو خمسين ألف دينار وما أخذ من الوزير وناظر الخاص وغيرهما من الدواوين جمل مستكثرة. وعمد قرطاي إلى الخزائن فأنفدها النفقات والهبات وكان كثير السخاء وأنفق على المماليك كل واحد خمسمائة دينار عشرة آلاف درهم فضة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015