وكان البلقيني لما استقرت قدمه بعد سفر الإخناي إلى الشام في سنة ثمان وثمانمائة قد ضبط مال الحرمين وجعله في موضع من داره فتأخر في هذه المدة نحو خمسة آلاف دينار، فصعب على الهروي منعه من التصرف في ذلك، وظهر لمن اطلع على ذلك من حواشي السلطان أنه غير مؤتمن عند السلطان وإنما أراد بولايته نكاية البلقيني.
وفي العشرين من جمادى الآخرة عرض الهروي الشهود وأقرهم، ولم يستنب سوى عشرة، ثم زاد عددهم قليلاً قليلاً إلى أن بلغوا عشرين، واستمر يركب بهيئته بلبس العجم ولم يخطب بالسلطان على العادة واعتذر بعجمة لسانه، فاستناب عنه ابن تمرية وكان يخطب بمدرسة حسن فوصفه الأمير ططر للسلطان، فأذن له في النيابة عن الهروي، وباشر الهروي القضاء بصرامة شديدة وإعجاب شديد زائد، ثم مد يده إلى تحصيل الأموال فأرسل رجلاً من أهل غزة يقال له نصف الدنيا إلى الصعيد ومعه مراسيم بعلاماته وقرر على كل قاض شيئاً، فمن بذله كتب له مرسومه ومن امتنع استبدل به غيره، فكثر فحش القول فيه، ثم فوض إلى الأعاجم مثل العينتابي وابن التباني ويحيى السيرامي وشمس الدين الفرياني الذي عمل قاضي العسكر قضاء بلاد اختاروها، فاستنابوا فيها وقرروا على النواب أن يعملوا لهم شيئاً معيناً. وأرسل إلى الوجه البحري آخر على تلك الصورة، ثم تصدى للأوقاف سواء كانت مما يشمله نظره أم لا ففرض على من هي بيده شيئاً معلوماً وصار يطلب من الناظر كتاب الوقف فيحضره له فيحبسه حتى يحضر له ما يريد، فترك كثير منهم كتب أوقافهم عنده حتى عزل فاستخلصوها.
وفي أول هذه السنة حاصر إبراهيم بن رمضان طرسوس واستمر محاصراً لها أربعة أشهر وأكثر، فكاتب نائبها شاهين الأيدكاري السلطان يستنجده ويعلمه بأنه بلغه أن