وفي يوم الرابع من المحرم صلى السلطان الجمعة بالجامع الطولوني فخطب به القاضي الشافعي وكان قد طلع ليخطب به في القلعة على العادة، فوجد السلطان قد ركب قبل الأذان لصلاة الجمعة فتبعه فدخل الجامع الطولوني فدخل قاعة الخطابة، فوجد خطيب الجامع وهو ولد ابن النقاش قد تهيأ ليخطب فتقدم هو وصعد المنبر، وحصل للخطيب بذلك قهر.
وفي الثالث من جمادى الأولى قتل حسين بن كبك، وذلك أن تغرى بردى الجمكي هرب من المؤيد من كختا فأقام بملطية عند نائبها الأمير منكلي بغا، فسار حسين بن كبك إلى ملطية فحاصرها، فهرب تغري يردى إلى حسين بن كبك فأكرمه، ثم سار حسين إلى أرزنكان وتغرى بردى صحبته ليحاصر بزعمه صاحبها، فغدر تغري بردى بحسين وهما جالسان يشربان فضربه بسكين في فؤاده فمات، وهرب إلى ملطية ثم توجه منها إلى حلب، فجهزه نائبها إلى المؤيد وأعلمه بما صنع، فأكرمه وخلع عليه وأعطاه إقطاعاً وخيلاً، وأمر لأمراء أن يخلعوا عليه، فحصل له شيء كثير.
وفي الخامس من المحرم توجه السلطان إلى وسيم فأقام هناك نحو العشرين يوماً، ثم رجع فنزل بالقصر الغربي بمنبابة وأمر الوالي أن يشعل البحر، فحصل من قشور النارنج والبيض ومن المسارج شيئاً كثيراً إلى الغاية، وعمرها بالزيت والفتائل، فأوقدها وأرسلها في الماء، ثم أطلق في غضون ذلك من النفط الكثير، فكانت ليلة عجيبة مر فيها من الهزل والسخف ما لا عهد للمصريين بمثله، وكان الجمع في الجانبين من الناس المتفرجين متوفراً وفي البحر من المراكب جمع جم.
وفي سادس عشري المحرم قبض على بيبغا المظفري أمير سلاح واعتقل بالإسكندرية، وذلك أن بعض الناس وشى به إلى السلطان فتخيل منه فقبض عليه.
وفي الثامن والعشرين من المحرم نودي بالقاهرة أن كل غريب يرجع إلى وطنه! فاضطربت الأعاجم وسعوا في منعه إلى أن سكن الحال واستقروا.