ابن الحاجب الثلاثة وبرع في العربية، وحصل الوظائف ثم تزهد وطرح ما بيده من الوظائف بغير عوض وسكن الجبل وأعرض عن جميع أمور الدنيا، وصار يقتات بما ينبته الجبال، ولا يدخل البلد إلا يوم الجمعة ثم يمضي، ثم توجه إلى مكة سنة سبع وتسعين وسبعمائة فسكنها تارة والمدينة تارة على طريقته، ودخل اليمن في خلال ذلك، وساح في البراري كثيراً وكاشف وظهرت له كرامات كثيرة، ثم في الآخر أنس بالناس إلا أنه يعرض عليه المال الكثير فلا يقبله بل يأمر بتفرقته على من يعينه لهم ولا يلتمس منه شيئاً، وقد رأيته بمكة سنة خمس عشرة، وقد صار من كثرة التخلي ناشف الدماغ يخلط في كلامه كثيراً ولكنه في الأكثر واعي الذهن، ولا يقع في يده كتاب إلا كتب فيه ما يقع له سواء كان الكلام منتظماً أم لا، وربما كان حاله شبيه حال المجذوب، وكان يأخذ من بعض التجار شيئاً بثمن معين وينادي عليه بنفسه حتى يبيعه فيوفي صاحب الدين وينفق على نفسه البقية، ولم يكن في الغالب يقبل من أحد شيئاً، وكان يكاتب السلطان فمن دونه بالعبارة الخشنة والورع الزائد، مات في شهر رمضان، وقيل في شعبان.
مهنا بن عبد الله، المكي، كان من كبار الصلحاء، مات بمكة.
نعمان بن فخر بن يوسف، الحنفي شرف الدين، ولد سنة ثلاث وأربعين، وكان والده عالماً فأخذ عنه. قدم دمشق وجلس بالجامع بعد اللنك للأشغال ودرس في أماكن، وكان ماهراً في الفقه بارعاً في ذلك، مات في شعبان.
يحيى البجيلي، أصله من بجيلة زهران من ضواحي مكة، فأقام بمكة يتعبد حتى اشتهر، ومات في هذه السنة.
يوسف بن عبد الله، البوصيري نزيل القاهرة، أحد من يعتقده الناس من المجذوبين، مات في سادس عشري شوال، ويحكي بعض أهل القاهرة عنه كرامات.