في المحرم غلا الكتان جداً حتى بلغ الرطل منه ثلاثين درهما وغلا بسبب ذلك صنف القماش. وفيه ثار أهل حلب على يشبك بن أزدمر فقتل من الفريقين جماعة وانكسر يشبك وتوجه إلى نوروز بدمشق فكاتب أهل حلب دمرداش فدخل حلب وملكها.
وفيه مات الأمير تغري بردى نائب الشام إذ ذاك وكان من خيار الأمراء في العدل مع أنه كان كثير الإسراف على نفسه، وكان يحب العلماء والعلم ويعرف المسائل عديدة أتقنها مع التواضع، وهو من قدماء الأمراء، أمر رأس نوبة كبير في أيام الظاهر، ثم ولي نيابة حلب ثم ولي أتابك العساكر في أواخر دولة الناصر فرج.
وفي العشرين منه توجه قرقماش في عسكره ليأخذ الشام بزعمه، فلما بلغ ذلك أخاه تغري بردى فارق نوروز وتوجه إلى صفد وانتمى إلى المؤيد، ودخل قرقماش غزة فملكها، ووصل أخوه وقد قرره المؤيد في نيابة حماة. فسارا ومعهما الطنبغا العثماني بالعساكر، فبلغهم عود نوروز من حلب إلى دمشق فأقاموا بالرملة وكان نوروز قد توجه إلى حماة ليقاتل دمرداش ففر دمرداش إلى حلب، فتبعه نوروز وملك حلب وقرر في نيابتها طوخ وفي نيابة طرابلس قمش، ورجع إلى دمشق في أواخر صفر، فسار دمرداش إلى حلب بعد عوده فقاتله النوروزية، فدام الحصار إلى أن بلغ دمرداش أن العجل بن نعير وافى لنصرة نوروز، ففر دمرداش إلى العمق ثم إلى إعزاز وكان ما سنذكره بعد ذلك،