وقد ضرب نوروز الدراهم الخالصة زنة الواحد نصف درهم والدينار بثلاثين منه، وفرح الناس بها وكانت معاملاتهم قد فسدت بالدراهم المنشوشة النيروزية وكان منه بها قديما في كل درهم عشرة فضة وتسعة أعشاره نحاس.
وفي شهر ربيع الأول استقر الشيخ محب الدين محمد بن الأشقر شرف الدين عثمان الكراوي في مشيخة الخانقاه الناصرية بسرياقوس وكان شيخها شهاب الدين ابن أوحد قد قام عليه الصوفية لما بلغهم خير الملك الناصر لأنه كان يستطيل عليهم بصحبته فآذوه ورموه بكل عظيمة وكان جديراً بذلك، فخشي على نفسه منهم فبادر بالنزول عن الخانقاه المذكورة للمذكور لمعرفته بمحبة الناس له لحسن سياسته، فأمضى له يلبغا الناصري النزول واستقر بها، وخرج ابن أوحد إلى ملاقاة معارفه من المصريين في العسكر، واستقرت قدم بن أشقر في سرياقوس، وكان قد تزوج بنت البرهان المحلى وهي أخت زوجة الخليفة، فخرج إلى لقائه فتلقاه بإكرام وتعظيم.
وفي الثاني من ربيع الأول دخل الخليفة القاهرة فشقها والأمراء بين يديه فاستمر إلى القلعة فنزلها، ونزل شيخ الإصطبل بباب السلسلة، وكان شيخ يظن أن الخليفة يتوجه إلى بيته ويستعفي من السلطنة، فلما لم يفعل ذلك أعرض عنه وأبقى له من يخدمه من حاشيته، واستقرت الخدمة عند شيخ وأمسك اسنبغا الزردكاش، فادعى عليه مدع بموجب القتل فقتل، وقبض على أرغون وسودون الأسندمري وكمشبغا، المزوق، وقرر في نيابة الإسكندرية خليل الحشاري عوضا عن قطلوبغا الخليلي بحكم موته.