ليلة الأحد فغسل وكفن وصلى عليه ودفن بقبر بباب الفراديس، ولم تكن له جنازة مشهودة فسبحان المعز المذل! وكان شيخ يحلف أنه لم يكن يريد قتله ولم يرد إلا أن يسجنه ببعض الأماكن مرفها ويرتب له ما يأكل ويشرب ووافقه جماعة من الأمراء منهم يشبك ابن أزدمر إلا أن نوروز وبكتمر جلق لم يأمنا عاقبته فحرضا على قتله وساعدهما حكم ابن العديم فقتله بسيف الشرع فقتل، ولقد كان الناصر هذا أعظم الناس خذلاناً لدين الإسلام وأشأمهم طلعة على المسلمين والعجب أنه ولد لما أقبل يلبغا الناصري ومنطاش فبشر أبوه فسماه بلغاق - يعني فتنة، فما خلص أبوه من الكرك سماه فرجا فكان اسمه الأول هو الحقيقي.
وفي عاشر صفر قبض على الإخناي وابن المزوق والغرس الأستادار وعبد الرزاق ناظر الجيش وصودروا، وخلع على صدر الدين ابن الأدمي بكتابة السر بدمشق، وعلى الأموي بقضاء المالكية بها، وتقرر الأمر بين الأمراء أن يكون الأميران مدبران الأمر بين يدي الخليفة وأن ينزل شيخ بباب السلسلة وينزل نوروز في بيت قوصون، فلما كان الخامس والعشرين من صفر التمس نوروز من الخليفة أن يقرره على نيابة الشام فأجابه إلى ذلك وخلع عليه وصرف عنه بكتمر جلق واستقر أميراً كبيراً بالقاهرة، واعتل نوروز بأنه يخشى وقوع الفتنة وأن التدبير لا يكون إلا لشخص واحد، فأجيب لذلك وفوضت له كفالة الشام كله، وجعل له تعيين النواب في البلاد وتعيين الإقطاعات لمن يراه وكذلك أمر القضاة والمباشرين، فيطالع الخليفة بمن يرى تقريره فيكتب له تقليده.