وفي ثاني صفر قدم قجقار القردمي القاهرة فذكر الواقعة، فأراد اسنبغا الزردكاش أن يقبض عليه فمنعه يلبغا الناصري وقرأ كتبه واشتهر الخبر، ورتب الناصري لقجقار ما يليق به وبمن معه وهم نحو ثلاثين نفرا، ثم قدم كزل العجمي وعلى يده كتب من الخليفة والأمراء بما تقدم من خلع الناصر، وقدم بعده ساع من عند الناصر يخبر فيه بأنه ملتجئ إلى القلعة، ثم قدم قصروه وعليه خلعة الخليفة وكتاب إلى الناصري ومن بالقاهرة من الأعيان فقرئ، وأرسل إلى الجامع الطولوني فقرأه ابن النقاش ثم إلى الجامع الأزهر فقرأه مسطرها - كما سيأتي.
وفي السادس من صفر شاع بين الناس أن قرا يلك وغيره من التركمان قد وصلوا نجدة إلى الناصر فنادي شيخ بتكذيب ذلك وأن المذكورين جاليش تمر لنك فاحذروهم، ثم اجتمع الجميع وأعادوا بيعة المستعين وجددوا له الأيمان وأنهم رضوا بأن يكون حاكماً عليهم وأنه المستبد بالأمور من غير معارضة أحد منهم له.
وفي الثاني من صفر اشتد القتال وحمل شيخ بمن معه فانهزم أصحابه وثبت هو ثم تراجعوا وصدقوا الحملة فانهزم أصحاب الناصر ووصل شيخ إلى طرف القنوات، فجاء دمرداش فأعلم الناصر أنه قد سهل القبض عليه وسأله أن يندب معه رجالاً، فناداهم فلم يجبه أحد فأعاد فأجابه بعضهم بجواب فيه جفاء وإذا العسكر قد احتيط بأن نوروز كبسهم، فهربوا بحيث لم يبق بين يدي الناصر أحد، فملك شيخ الميدان والإصطبل، فأشار دمرداش على الناصر أن يرحل إلى حلب، فقام فدخل حريمه ليلاً وتجهز فلم يخرج، فاستبطأه دمرداش فتركه وسار، وقام ناس على الأسوار فنادوا: نصر الله أمير المؤمنين! فلما سمع الرماة ذلك تخوفوا على أنفسهم ففروا، فركب الناصر فرسه ودار