ثم كتب أبو سالم في رد ضياعه بغرناطة إلى ابن الأحمر فقبل شفاعته وردها عليه فلما عاد المخلوع محمد إلى ملكه في سنة ثلاثة وستين وسبعمائة لحق به لسان الدين ابن الخطيب فرده إلى منزلته.
وكان عثمان بن يحيى بن عمر شيخ الغزاة متمسكا من ابن الأحمر فتنكر له لسان الدين وما زال بسلطانه حتى نكبه في رمضان سنة أربع وستين وسجنه فخلا لابن الخطيب وجه السلطان وغلب على هواه حتى دفع إليه تدبير دولته وجعله من خواص ندمائه وأهل خلوته وصار العقد والحل بيده وعلقت به الآمال فحسده الناس وسعوا فيه فعزم على التخلي عما هو فيه فدسّ إلى سلطان فاس من بني مرين في اللحاق به وخرج من غرناطة على أنه يتفقد الثغور حتى حاذى جبل الفتح ركب البحر إلى سبتة ودخل فاس سنة ثلاثة وسبعين وسبعمائة فبالغ السلطان في إكرامه ولبث يطلب أهله وعياله فقدموا عليه وأجريت له الرواتب السنية والإقطاعات فاستكثر من شراء الضياع وتأنق في بناء المساكن وغرس البساتين فتمكن منه عداه بالأندلس وأثبتوا على القاضي كلمات منسوبة إلى الزندقة تكلم بها لسان الدين هذا فسجل القاضي بثبوت زندقته وحكم بإراقة دمه وأرسل بها إلى السلطان عبد العزيز ليقتله بمقتضاها، فامتنع السلطان وقال: هلاّ انتقمتم منه وهو عندكم وأنتم عالمون بما كان عليه، وأما أنا فلا أقتل بهذا من كان في جواري.
فلما مات السلطان اختص لسان الدين بعده بالوزير أبي بكر بن غازي (?) فلم يقدر عليه إلى أن تسلطن أبو العباس أحمد فقبض عليه بإغراء