أـ وفاء زينب لزوجها:
وكما كان أبو العاص بن الربيع وفياً لزوجه زينب، كانت هذه كذلك له، فقد أبى أبو العاص أن يسلم بمكة، وأقامت زوجه معه على إسلامها، حتى كانت معركة بدر، فحضرها أبو العاص في صفِّ كفار قريش، فأسر فيمن أسر منهم، فلما بعث أهل مكة في فداء أسراهم بعثت زينب في فداء أبي العاص بمال، وكانت فيه قلادة لها كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى بها، قالت عائشة أم المؤمنين: فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لها رقة شديدة، وقال للمسلمين: إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها، وتردّوا عليها مالها، فافعلوا، فقالوا: نعم يا رسول الله، فأطلقوه، وردّوا عليه الذي له (?). ويجدر بنا أن نقف وقفة تأمل في خطابه لأصحابه وما تضمنه من سمو العبارة والأدب الرفيع مما ينبغي أن نتحلى به في حياتنا. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ عليه عهداً، بأن يخلي زينب لتلحق به، وكانت من المستضعفين بمكة من النساء واستكتمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك وصدق في عهده وأرسل زينب وتعرضت لابتلاء شديد في طريقها إلى المدينة (?).
ب ـ إسلام زوجها وأمانته:
وأقام أبو العاص بن الربيع بمكة، وأقامت زينب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة حين فرق بينهما الإسلام، حتى إذا كان قبيل الفتح خرج أبو العاص تاجراً إلى الشام، وكان رجلاً مأموناً، بمال له، وأموال لرجال من قريش أبضعوها معه، فلما فرغ من تجارته وأقبل قافلاً، لقيته سرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأصابوا ما معه، وأعجزهم هارباً، فلما قدمت السرية بماله، أقبل أبو العاص تحت الليل حتى دخل على زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستجار بها فأجارته، وجاء في طلب ماله، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صلاة الصبح، فكبّر الناس وراءه صرخت زينب من صُفّة النساء: أيها الناس إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع فلما سلم رسول الله