صلى الله عليه وسلم من الصلاة أقبل على الناس فقال: أيها الناس هل سمعتم ما سمعت؟ قالوا: نعم: قال: أما والذي نفس محمد بيده ما علمت بشئ من ذلك حتى سمعت ما سمعتم، إنه يجير على المسلمين أدناهم. ثم انصرف، فدخل على ابنته، فقال: أي بنية أكرمي مثواه ولا يخلص إليك، فإنك لا تَحلِّين له. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السرية الذين أصابوا المال، فقال، إن هذا الرجل منا حيث قد علمتم، وقد أصبتم له مالاً، فإن تحسنوا وتردوا عليه ماله الذي له فإنا نحب ذلك، وإن أبيتم فهو فئ الله الذي أفاء عليكم، فأنتم أحق به، قالوا: يا رسول الله بل نرده عليه فردَّوه، حتى إن الرجل ليأتي بالدلو، والرجل يأتي بالشنَّة (?) والإداوة (?) حتى أن أحدهم ليأتي بالشطاط، ثم احتمل إلى مكة فأدى إلى كل ذي مالٍ من قريش ماله، ومن كان أبضع معه.
ثم قال: يا معشر قريش، هل بقى لأحد منكم عندي مال لم يأخذه؟ قالوا: كلا، فجزاك الله خيراً، فقد وجدناك وفياً كريماً، قال: فأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، والله ما منعني من الإسلام عنده إلا تخوُّف أن تظنوا أني إنما أردت أن آكل أموالكم، فلما أدَّاها الله إليكم، وفرغت منها أسلمت، ثم خرج فقدم على رسول الله صلى الله عليه (?)، وجاء عن عامر الشعبي وغيره، أن أبا العاص بن الربيع لما قدم من الشام ومعه أموال المشركين، قيل له: هل لك أن تُسلِم وتأخذ هذه الأموال، فإنها أموال المشركين؟ فقال أبو العاص: بأس ما أبدأ به إسلامي أن أخون أمانتي (?). ومن أقوال أبو العاص رضي الله عنه: نتعلم قيمة عظيمة وهي الأمانة والتحلي بمكارم الأخلاق حتى مع غير المسلمين فلا ينبغي للمسلم أن يخون أمانته لأي سبب كان.
ولما قدم أبو العاص بن الربيع على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلماً ردّ عليه زوجته زينب بالنكاح الأول، ولم يحدث نكاحاً جديداً (?)، وقد جاء في التحاقهما بالنبي صلى الله عليه وسلم