رضي الله عنه وقف القتال في صفين ورضي التحكيم وعد ذلك فتحا ورجع إلى الكوفة، وعلق على التحكيم آمالاً في إزالة الخلاف وجمع الكلمة ووحدة الصف، وتقويت الدولة، وإعادة حركة الفتوح من جديد وكان أمير المؤمنين بعد نهاية الجولات الحربية في صفين يتفقد القتلى، وقد وقف على قتلاه وقتلى معاوية فقال: غفر الله لكم، غفر الله لكم، للفريقين حميعاً (?)، وعن يزيد بن الأصم قال: لما وقع الصلح بين علي ومعاوية، خرج علي فمشى في قتلاه فقال: هؤلاء في الجنة ثم خرج إلى قتلى معاوية فقال: هؤلاء في الجنة، وليصير الأمر إلي وإلى معاوية (?)
وكان يقول عنهم هم: المؤمنين (?)، وقوله رضي الله عنه في صفين لا يكاد يختلف عن قوله في أهل الجمل (?)، وروي أن علياً رضي الله عنه لمّا بلغه أن أثنين من أصحابه يظهران شتم ولعن أهل الشام أرسل إليهما أن كفا عما يبلغني عنكما، فأتيا فقالا: يا أمير المؤمنين ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ قال: بلى ورب الكعبة المسدنة، قالا: فلما تمنعنا من شتمهم ولعنهم؟ قال: كرهت لكم أن تكونوا لعانين، ولكن قولوا: اللهم أحقن دماءنا ودماءهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم، وأبعدهم من ضلالتهم حتى يعرف الحق من جهله، ويرعوي عن الغي من لجج به (?)، وأما ما قيل من أن علياً كان يلعن في قنوته معاوية وأصحابه، وأن معاوية إذا قنت لعن علياً وابن عباس والحسن والحسين لا تثبت من ناحية السند حيث فيها أبي مخنف لوط بن يحيى الرافضي المحترق الذي لا يوثق في رواياته كما أن في أصح كتب الشيعة عندهم جاء النهي عن سب الصحابة، فقد أنكر على من يسب معاوية ومن معه فقال: إني أكره لكم أن يكونوا سبابين ولكنكم لو وصفتم أعمالهم، وذكرتم حالهم، كان أصوب في القول، وأبلغ في العذر، وقلتم مكان سبكم أياهم اللهم أحقن دماءنا ودماءهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم (?)، فهذا السبب والتكفير لم يكن من هدي