حسن الذي صان الجماعة بعدما
أمس تفرقها يحلُّ عراها
ترك الإمامة ثم أصبح في الديار
إمام ألفتها وحسن عُلاها
وأشرت إلى صلة الحسن بمعاوية رضي الله عنهما، بعد الصلح، والأيام الأخيرة من حياته ووصيته للحسين رضي الله عنهما، وتفكره في ملكوت الله، واحتسابه نفسه عند الله ثم استشهاده ودفنه في البقيع بالمدينة رضي الله عنه.
إن سيرة الحسن بن علي رضي الله عنه توضح لنا أهمية امتلاك القائد لرؤية مستقبلية يسير على هداها مستعيناً بالله، فالحسن ملك الرؤية الإصلاحية والقدرة على التنفيذ، مع وضوح المراحل، والأسباب والشروط والنتائج ومعرفة العوائق وكيفية التعامل معها وترك لنا معالم نيرة في فقه الخلاف، والمصالح والمفاسد، ومقاصد الشريعة، والمفاوضات، والتغلب على أهواء النفوس وأمراضها ابتغاء ما عند الله، فالأسر الحاكمة، والأحزاب الناشطة، والمؤسسات القائمة، والحركات الإسلامية والجمعيات الهادفة في عالمنا الإسلامي الكبير في أشد الحاجة لفقه مدرسة الحسن في رأب الصدع، وتوحيد الصف، وحقن الدماء وجمع الكلمة، فالحسن خليفة راشد والاقتداء به والإهتمام بفقهه أرشدنا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: عليكم بسنتي وسنّة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي (?).
إن الباحث ليستغرب من ضعف وجود فقه الحسن في ذاكرة الأمة، كما أنه يتعجب من اختزل فقهه ومشروعه الإصلاحي العظيم في ثقافتنا، فنهضة الشعوب من عوامل نجاحها الالتفاف إلى ماضيها لخدمة حاضرها واستشراف مستقبلها، فالتاريخ ـ كما هو معروف ـ ذاكرة الأمة، ومستودع تجاربها ومعارفها وهو عقلها الظاهر والباطن وخزانة قيمها ومآثرها وأساس شخصيتها الغائرة في القدم والممتدة مع الزمن وله صلى الله عليه وسلم سيرة لمّا تستكشف أعماقها ولخلفائه الراشدين تاريخ حافل عظيم، ولأمته تاريخ يزهو على تاريخ الأمم والشعوب والدول، فعلينا أن نستفيد من هذا التاريخ العريق ونستخرج منه الدروس والعبر والمواعظ والسنن، ونستوعب فقه الحضارات، ونستلهم من القصص القرآني، والهدي النبوي والبعد