حينما يفارق الإنسان شهواته وملذَّاتِه، ويستقبل عقوبات ذلك وتبعاته، قال تعالى: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} (?).
وعليه، فَقد تبيَّن أن الذي يَفِرُّ مِمَّا زَعم أنه عُسْر وشدَّة قَد وقَع فيما لاَ يَخْطُرُ على بَالِهِ من الشِّدة والعُسْر، وكُلٌّ بِحَسَبِهِ.
وَإِنَّمَا يتضِحُ ذلك بِمَعرفة الأمر والنهي الشرعي، هل هو مُجَرَّد تكليفٍ، أم أنه رَحْمَةٌ وإحسانٌ، وموافقته لروح الإنسانِ وَقلْبِهِ أعظم مِنْ موافقةِ الأغذية الطَّيِّبَةِ لِبَدَنِهِ؟!.
فمَن أراد معرفةَ هذا فلينظر في " الجزء الثاني " مِن «مفتاح دار السعادة» و «مدارج السالكين»، ومواضع كثيرة من كتب ابن القيِّم - رحمه الله - حيث يبيِّن فيها هذا الأصل العظيم أحسَن بيانٍ، وهو أنَّ سَعادةَ الإنسانِ في الدنيا - وقبل الآخرة - وسُروره وانشراح صَدره هو بالتزامِ مَا أمرَ الله به واجتناب ما نَهَى عنه، كما قال في معنى قوله تعالى: {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} (?) أنه في الدنيا وفي البرزخ ويوم القيامة (?)؛ فهذا النعيم في الدنيا إنما حصل لَهم لِمُوافقة طاعة ربِّهم ورسوله لقلوبهم خِلاَف ما يَظُنُّ الْمُنحَرِفوُنَ أنه عُسْرٌ وتشديد وَيَدْعُونَ إِلَى مَا يُسمُّونه بالاعتدال - أيْ مُجَاراة كل حادثة بإلباسها لباس الدين لتصير غصبًا: «إسلامية» -!.