جهنم، وروى أيضا أنه قال: العقبة هى النّار نفسها؛ فعلى الوجه الأول يكون التفسير للعقبة بقوله: فَكُّ رَقَبَةٍ على معنى ما يؤدّى إلى اقتحام هذه العقبة؛ ويكون سببا لجوازها والنجاة منها، لأن فكّ رقبة وما أتى بعد ذلك ليس هو النار نفسها ولا موضعا منها.

وقال آخرون: بل العقبة ما ورد مفسّرا لها من فكّ الرقبة والإطعام فى يوم المسغبة؛ وإنما سمّى ذلك عقبة لصعوبته على النفوس/ ومشقته عليها.

وليس يليق بهذا الوجه الجواب الّذي ذكرناه فى معنى قوله: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وأنه على وجه الدعاء؛ لأن الدعاء لا يحسن إلا بالمستحق له؛ ولا يجوز أن يدعى على أحد بأن لا يقع منه ما كلّف وقوعه، وفكّ الرقبة والإطعام المذكور من الطاعات؛ فكيف يدعى على أحد بأن لا يقع منه! فهذا الوجه يطابق أن تكون الْعَقَبَةَ هى النّار نفسها أو عقبة فيها.

وقد اختلف الناس فى قراءة: فَكُّ رَقَبَةٍ، فقرأ أمير المؤمنين عليه السلام، ومجاهد، وأهل مكة، والحسن، وأبو رجاء العطاردىّ، وأبو عمرو، والكسائىّ: فَكُّ رَقَبَةٍ بفتح الكاف ونصب الرقبة، وقرءوا أو أطعم على الفعل دون الاسم.

وقرأ أهل المدينة، وأهل الشام، وعاصم، وحمزة، ويحيى بن وثاب، ويعقوب الحضرمىّ: فَكُّ بضم الكاف وبخفض رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعامٌ على المصدر وتنوين الميم وضمها.

فمن قرأ على الاسم ذهب إلى أن جواب الاسم بالاسم أكثر فى كلام العرب، وأحسن من جوابه بالفعل؛ ألا ترى أن المعنى: ما أدراك ما اقتحام العقبة! هو فكّ رقبة، أو إطعام؛ وذلك هو أحسن من أن يقال: هو فكّ رقبة، أو أطعم.

ومال الفرّاء إلى القراءة بلفظ الفعل، ورجّحها بقوله تعالى: ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا، لأنه فعل؛ والأولى أن يتبع فعلا. وليس يمتنع أن يفسّر اقتحام العقبة- وإن كان اسما- بفعل؛ يدل على الاسم؛ وهذا مثل قول القائل: ما أدراك ما زيد؟ يقول- مفسرا-: يصنع الخير، ويفعل المعروف، وما أشبه ذلك، فيأتى بالأفعال.

والسغب: الجوع؛ وإنما أراد أنه يطعم فى يوم مجاعة؛ لأن الإطعام فيه أفضل وأكرم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015