فأما «مقربة» فمعناه يتيما ذا قربى؛ من قرابة النسب والرّحم؛ وهذا حضّ على تقديم ذى النسب والقربى المحتاجين على الأجانب فى الإفضال.
والمسكين: الفقير الشديد الفقر. والمتربة: مفعلة، من التراب، أى هو لاصق بالأرض من ضرّه وحاجته؛ ويجرى مجرى قولهم فى الفقير: مدقع؛ وهو مأخوذ من الدّقعاء؛ وهى الأرض التى لا شيء فيها.
وقال قوم: ذا مَتْرَبَةٍ أى ذا عيال. والمرحمة: مفعلة من الرحمة؛ وقيل إنه من الرّحم.
وقد يمكن فى مَقْرَبَةٍ أن يكون غير مأخوذ من القرابة والقربى؛ بل هو من القرب، الّذي هو من الخاصرة، فكأن المعنى أنه يطعم من انطوت خاصرته ولصقت من شدة الجوع والضر؛ وهذا أعم فى المعنى من الأول وأشبه بقوله ذا مَتْرَبَةٍ؛ لأن كل ذلك مبالغة فى وصفه بالضّرّ؛ وليس من المبالغة فى الوصف بالضرّ أن يكون قريب النّسب. والله أعلم بمراده.
*** قال سيدنا أدام الله علوّه: ومن طريف المدح ومليحه قول الشاعر:
وكأنّه من وفده عند القرى … لولا مقام المادح المتكلّم
وكأنّه أحد النّدى ببنائه (?) … لولا مقالته أطب للمؤدم (?)
ويقارب ذلك فى المعنى قول محمد بن خارجة:
سهل الفناء إذا حللت ببابه … طلق اليدين مؤدّب الخدّام
وإذا رأيت صديقه وشقيقه … لم تدر: أيّهما أخو الأرحام! (?)
ومثله لأبى الهندىّ:
نزلت على آل المهلّب شاتيا … غريبا عن الأوطان فى زمن المحل (?)
فما زال بى إكرامهم وافتقادهم (?) … وإنعامهم حتى حسبتهم أهلى