فقيل له: أخطأت وباعدت بقولك: «الدّلّ والشّنب»؛ ألا قلت كقول ذى الرّمة:

بيضاء فى شفتيها حوّة لعس … وفى اللّثات وفى أنيابها شنب (?)

قال: فقال الطائىّ:

* مستجمعين لى: التّوديع والعنما*

فجعل المنظر القبيح للتوديع، والتوديع لا يستقبح، وإنما يستقبح عاقبته وهى الفراق، وجعل المنظر الحسن الخضاب؛ وشبهه بالعنم، ولم يذكر الأنامل المخضّبة. وإنما سمع قول المجنون:

ويبدى الحصى منها إذا قذفت به … من البرد أطراف البنان المخضّب (?)

قال: وهذا هو الأصل؛ استعاره الناس من بعد، فقال الشاعر:

النّشر مسك، والوجوه دنا … نير، وأطراف الأكفّ عنم (?)

وأغرب أبو نواس فى قوله:

تبكى فتذرى الدّرّ من طرفها … وتلطم الورد بعنّاب (?)

قال. فلم يحسن هذا العلج أن يستعير شيئا من محاسن القائلين.

قال سيدنا أدام الله علوّه: وهذا غلط من ابن عمار وسفه على أبى تمام؛ لأن الكميت جمع بين شيئين متباعدين؛ وهما الدّل وهو الشكل والحلاوة وحسن الهيئة، والشّنب وهو برد الأسنان، وتطرّق عليه بذلك بعض العيب، وأبو تمام بين شيئين غير متفرّقين (?)، لأن التوديع إنما أشار به إلى ما أشارت إليه بإصبعها من وداعه عند الفراق، وشبّه مع ذلك أصابعها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015